والمؤمن إذا قصد طاعة ثم أعجزه العذر عن إتمامها كتب الله له ثواب تلك الطّاعة ، وهذا معنى قوله : (ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ)(١).
١٠١ ـ قوله جلّ جلاله : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ..) الآية.
يقال : قصر الصّلاة ((٢) وأقصرها وقصّرها (٢)) كلّ ذلك جائز.
وفرض المسافر أربع إلّا أنّه رخّص له فى القصر ، إن شاء أخذ بالرّخصة ، وإن شاء أتمّ على أصل الفرض ؛ لأنّ الله تعالى قال : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) وهذا «اللّفظ» (٣) للإباحة لا للإيجاب.
وقوله : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)
قال ابن عبّاس : يريد أن يقتلكم. ومثل هذا قوله : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ)(٤) : أى يقتلهم.
وظاهر قوله : (إِنْ خِفْتُمْ) يوجب أنّ القصر لا يجوز إلّا عند الخوف ، وليس الأمر على ذلك ؛ فإنّ القصر مباح فى السّفر عند الأمن ؛ ((٥) ولكنّ الآية (٥)) نزلت على غالب أسفار النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وأكثرها لم يخل عن خوف العدوّ ، والقصر فى الأمن جائز بالسّنّة.
أخبرنا أحمد بن الحسن الحيرى ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الرّبيع ، أخبرنا الشّافعىّ ، أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى روّاد (٦) ، عن ابن جريج قال : حدّثنى عبد الله بن أبى عمّار ، عن عبد الله بن «بابا» (٧) ، عن يعلى ابن أميّة قال :
__________________
(١) بقية الآية : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)
(٢ ـ ٢) أ ، ب : «وقصرها وأقصرها».
(٣) الإثبات عن ج.
(٤) سورة يونس : ٨٣.
(٥ ـ ٥) أ : «فتبين الآية» (تحريف). قال الواحدى فى (الوجيز فى التفسير ١ : ١٧٠): «والإجماع منعقد على أن القصر يجوز فى السفر من غير خوف ، وثبتت السنة بهذا عن النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولكن ذكر الخوف فى الآية على غالب أسفارهم فى ذلك الوقت ..».
(٦) بفتح الراء ، وتشديد الواو. انظر ترجمته فى (تقريب التهذيب ٣٦١ ت / ٤١٦٠).
(٧) أ ، ب ، و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٤٧): «بابيه». والمثبت عن ج. قال الحضرمى فى (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة / ٩): «ابن بابا : بباءين وألفين من غير تنوين مقصور». وقال ابن حجر العسقلانى فى (تقريب التهذيب ٢٩٦ ت / ٣٢٢٠): «عبد الله بن باباه ، بموحدتين بينهما ألف ساكنة ، ويقال : بتحتانية بدل الألف ، ويقال : بحذف الهاء ، المكى ، ثقة من الثالثة».