وقرئ : (غَيْرُ) رفعا (١) ونصبا ؛ فمن رفع فهو صفة للقاعدين.
والمعنى : لا يستوى القاعدون الّذين هم غير أولى الضّرر : أى لا يستوى القاعدون الأصحّاء والمجاهدون ، وإن كانوا كلّهم مؤمنين.
ومن نصب (غير) جعله استثناء من القاعدين. والمعنى : لا يستوى القاعدون إلّا أولو الضّرر.
وهذا الوجه اختيار الأخفش قال : لأنّه استثنى بها قوم لم يقدروا على الخروج ، وهو أيضا قراءة النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
فيما أخبرنا أحمد بن عبيد الله المخلدىّ ، أخبرنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ ، حدّثنا محمد بن إسحاق الثّقفىّ ، حدّثنا أبو عمر الدّورىّ ، حدّثنا علىّ ابن حمزة الكسائىّ ، حدّثنا ابن أبى الزّناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه :
أنّ النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قرأ : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) نصبا.
وقوله : (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) عطف على قوله : (الْقاعِدُونَ).
والمعنى : ليس المؤمنون القاعدون عن الجهاد من غير عذر ، والمؤمنون المجاهدون سواء إلّا أولى الضّرر ؛ فإنّهم يساوون المجاهدين ؛ لأنّ الضّرر أقعدهم عن الجهاد.
وقوله : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ).
يعنى : من أهل العذر (دَرَجَةً) ؛ وذلك أنّ المجاهدين مباشرون للطّاعة ؛ فلهم فضيلة على القاعدين من أهل العذر ، وإن كانوا هم على نيّة الجهاد وقصده.
وقوله : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى).
__________________
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب برفع الراء على البدل من «الْقاعِدُونَ» ، أو الصفة له ، وأفقهم اليزيدى والحسن والأعمش ؛ والباقون بنصبها على الاستثناء أو الحال من «الْقاعِدُونَ» (إتحاف فضلاء البشر ١٩٢) وانظر (السبعة فى القراءات ٢٣٧) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٣) ، و (البحر المحيط ٣ : ٣٣٠ ـ ٣٣١).