ومعنى (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) : لا ضرر عليك فى فعل غيرك ، ولا تهتمّ بتخلّف من يتخلّف عن الجهاد ، فعليهم ضرر ذلك.
(وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) : (وحضّهم) (١) ، على القتال (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
«عسى» معناها : الإطماع ، والإطماع من الله واجب ؛ لأنّ إطماع الكريم إيجاب.
و «البأس» : الشّدّة فى كلّ شىء. ومعنى (بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) شدّة حربهم ؛ وقد أنجز الله وعده بكفّ بأس هؤلاء الذين ذكرهم.
(وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً) : أشدّ عذابا ؛ والعذاب يسمّى بأسا ، لما فيه من الشّدّة ؛ ومنه قوله تعالى : (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا)(٢) ، (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا)(٣) ، (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)(٤)
(وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً). يقال : نكّلت بفلان ؛ إذا عاقبته عقوبة تنكّل غيره عن ارتكاب مثله (٥) : أى تجنّبه.
قال الحسن وقتادة : (أَشَدُّ تَنْكِيلاً) : عقوبة.
٨٥ ـ قوله جلّ جلاله : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً)(٦).
قال الكلبىّ : يصلح بين اثنين.
(يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) : أى أجر منها (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) : يمشى بالنّميمة (يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) : يكن له إثم منها (٧).
وقال مجاهد : (شَفاعَةً حَسَنَةً) ، و (شَفاعَةً سَيِّئَةً) : شفاعة النّاس بعضهم لبعض.
قال الحسن : ما يجوز فى الدّين أن يشفع فيه فهو شفاعة حسنة ؛ وما لا يجوز
__________________
(١) ج : «حضضهم» والمثبت عن أ ، ب ، و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٩٣). حاشية ج : «أى حثّهم ورغّبهم فى القتال».
(٢) سورة غافر : ٢٩.
(٣) سورة الأنبياء : ١٢.
(٤) سورة غافر : ٨٤.
(٥) قال صاحب (اللسان ـ مادة : نكل): «يقال : نكّلت بفلان : إذا عاقبته فى جرم أجرمه عقوبة تنكّل غيره عن ارتكاب مثله».
(٦) حاشية ج : «الشفاعة الحسنة : هى الإصلاح بين الناس ، والشفاعة السيئة : هى المشى بالنميمة ـ من المعالم».
(٧) انظر (تفسير الطبرى ٨ : ٣٨٢ ، ٣٨٤) و (الدر المنثور ٢ : ١٨٧) و (اللسان ـ مادة : كفل) و (البحر المحيط ٣ : ٣٠٩).