أومر بقتالهم» فلمّا هاجر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى المدينة ، وأمروا بالقتال ، كرهه بعضهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وقوله : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ).
قال ابن عبّاس : عن قتال عبدة الأصنام ، لأنّ الله تعالى لم يأمر بقتالهم.
قال الزّجّاج : كان المسلمون قبل أن يؤمروا بالقتال قالوا للنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لو أذنت لنا أن نقاتل المشركين ، فأمروا بالكفّ وأداء ما افترض عليهم من غير القتال ؛ وهو قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ) : ((٢) فرض) ، (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) : أى جماعة منهم (يَخْشَوْنَ النَّاسَ)(٣) : أى المشركين (كَخَشْيَةِ اللهِ) : كما يخشون من الله.
(أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً.)
قال الحسن : هذا كان منهم ، لما فى طبع البشر من المخافة ، لا على كراهة أمر الله بالقتال ، وقالوا جزعا من الموت ، وحرصا على الحياة : (لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
: أى هلّا تركتنا حتّى نموت بآجالنا ، وعافيتنا من القتل.
(قُلْ) لهم يا محمد : (مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) : أى ((٤) ما تتمتّعون) ، به من الدّنيا وعيشها قليل (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ) يعنى : الجنّة (لِمَنِ اتَّقى) الله ولم يشرك به شيئا.
أخبرنا الأستاذ أبو الحسن على بن محمد الفارسىّ ، أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق ، ((٥) حدّثنى) ، محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدّثنا عتبة بن عبد الله اليحمدىّ (٦) حدّثنا ابن المبارك ، حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد ،
__________________
(١) ما بين الحاصرتين إضافة عما ذكره الواحدى عن الكلبى فى (أسباب النزول للواحدى ١٥٩) ، وراجع السبب الثانى الذى روى عن ابن عباس فى (أسباب النزول للواحدى ١٦٠) و (الدر المنثور ٢ : ٥٩٤) و (تفسير الطبرى ٨ : ٥٤٩) و (المستدرك ٢ : ٣٠٧).
(٢) الإثبات عن ج.
(٣) «: أى عذاب الناس بالقتل» (الوجيز للواحدى ١ : ١٦١).
(٤) أ ، ب : «يمتعون». فى (الوجيز للواحدى ١ : ١٦١): «أى أجل الدنيا قريب ، وهو الموت ، وعيشها قليل» وانظر فيما تقدم معنى «متاع» فى (الوسيط للواحدى ١ : ٨٦).
(٥) ب : «حدثنا».
(٦) قال الحضرمى فى (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٨ / ظ): «اليحمدى ـ بياء معجمة بنقطتين من تحت مفتوحة ، وحاء مهملة ، وميم مفتوحة ، ودال مهملة مكسورة».