وعن جابر بن عبد الله قال : قرأ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذه الآية : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) ، فبكى واشتدّ بكاؤه ، فبكينا لبكائه ، فلما أفاق ، قال : تبدّل ((١) ليجدّد) ، عليهم العذاب ، وهو قوله : (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً).
: أى هو قوىّ لا يغلبه شىء ، وهو مع ذلك حكيم فيما دبّر.
ولمّا ذكر ما أعدّ الله للكافرين من العذاب ذكر ثواب المؤمنين فقال :
٥٧ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(٢) إلى قوله : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً).
: أى دائما لا تنسخه الشّمس ، كما تنسخ ظلال الدّنيا.
وقال الحسن : (ظِلًّا ظَلِيلاً) : لا يدخله الحرّ ((٣) والسّمائم (٣)).
ثم قال الزّجّاج : معنى «(٤) ظلّ ظليل» : ((٥) يظلّ) ، من الرّيح والحرّ ، وليس كلّ ظلّ كذلك.
أعلم الله تعالى أنّ ظلّ الجنّة ظليل لا حرّ فيه ولا برد.
وقال مقاتل : (ظِلًّا ظَلِيلاً)(٦) يعنى : أكنان (٧) القصور لا فرجة فيها ولا خلل.
٥٨ ـ قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها).
أجمع المفسّرون (٨) : على أنّ هذه الآية نازلة فى شأن مفتاح الكعبة ؛ وذلك أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لمّا فتح مكّة طلب المفتاح ، فقيل له : إنّه مع عثمان بن طلحة الحجبىّ ـ وكان من بنى عبد الدّار ، وكان يلى سدانة الكعبة ـ فوجّه إليه عليّا ـ رضى الله عنه ـ ، فأبى دفعه إليه ، وقال : لو علمت أنّه رسول الله
__________________
(١) ب : «يتجدد» والإثبات عن أ ، ج.
(٢) تمام الآية : (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ).
(٣ ـ ٣) أ : «والسموم». حاشية ج : «السمائم : جمع السموم ، هى الريح الحارة». انظر (تفسير القرطبى ٥ : ٢٥٥) ، و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٥).
(٤) الإثبات عن ج.
(٥) أ ، ب : «يظلل».
(٦) حاشية ج : «والظل ظليل : أى دائم الظل والستر : لأن ظليلا صفة مشبهة من الظل ، يقال ذلك مبالغة ، كقولهم : ليل أليل ، ويوم أيوم».
(٧) حاشية ج : «جمع كن ؛ وهو الستر».
(٨) حاشية ج : «الخادم».