وسلّم ـ قبل أن يأتى أهله فأسلم ، وقال : يا رسول الله ، ما كنت أرى (١) أن أصل إليك ، حتّى يحوّل وجهى فى قفاى (٢).
وقال النّخعىّ : أقبل كعب من اليمن يحجّ بيت المقدس ، فذهب إليه ـ فبينما هو فيه ـ سمع رجلا من المهاجرين يقرأ فى جوف اللّيل هذه الآية ، فأتى عمر فأسلم (٣).
ويروى أنّ عمر قرأ هذه الآية (عليه) (٤) ، فقال كعب : يا ربّ آمنت ، يا ربّ أسلمت ؛ مخافة أن يصيبه هذا الوعيد (٥).
وقوله : (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ) : أى نمسخهم قردة كما فعلنا بأوائلهم.
(وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً).
قال ابن عبّاس : يريد لا رادّ لحكمه ، ولا ناقض (لأمره) (٦).
٤٨ ـ قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)
هذه الآية دليل قاطع فى مسألتين كبيرتين (من الأصول) (٧).
أحدهما : أنّ من ارتكب الكبائر من المسلمين إذا مات على الإيمان لم يخلّده الله فى النّار ؛ وإنّما يخلّد (المشرك) (٨) فى النّار دون المسلم.
والثانية : أنّ الله تعالى وعد المغفرة لما دون الشّرك ، فيعفو عمّن يشاء ، ويغفر لمن يشاء ، لا حجر عليه فى شىء من ذلك ، ولا تحكّم ((٩) لأحد عليه (٩)) ؛ تكذيبا للقدريّة (١٠) حيث قالوا : لا يجوز (عليه) (١١) أن يغفر الكبيرة ، ويعفو عن المعاصى.
__________________
(١) حاشية ح : «أى أظن»
(٢) انظر (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٥) و (البحر المحيط ٣ : ١٦٧).
(٣) حاشية ج : «وعلى هذه الرواية تكون الآية سببا لإسلام كعب» انظر (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٥) و (تفسير البحر المحيط ٣ : ١٦٧).
(٤) الإثبات عن ج.
(٥) انظر (تفسير الطبرى ٨ : ٤٤٦) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٢٨٥) و (الدر المنثور ٢ : ٥٥٥ ، ٥٥٦).
(٦) أ ، ب : «لقضائه».
(٧) أ ، ب : «أصول».
(٨) ب : «الشرك» (تحريف).
(٩ ـ ٩) ج : «عليه لأحد».
(١٠) حاشية ج : «القدرية : وهم قوم يقولون : إن المؤثر فى أفعال العباد إنما هو قدرته وإرادته ؛ منهم : الفلاسفة والمعتزلة وإمام الحرمين وهو من أهل السنة.
(١١) الإثبات عن أ ، ب. انظر (البحر المحيط ٣ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٦).