قال : أما إنّا قد سألنا عن ذلك [فقال](١) : «أرواحهم كطير خضر تسرح فى الجنّة فى أيّها شاءت ، ثم تأوى إلى قناديل معلّقة بالعرش ، فبينما هم كذلك ؛ إذ اطّلع عليهم ربّك اطّلاعة ، فقال : سلونى ما شئتم ، فقالوا : يا ربّنا ، ما ذا نسألك ، ونحن فى الجنّة نسرح فى أيّها شئنا؟ قال : فلمّا رأوا أنّهم لا يتركون من أن يسألوا. قالوا : يا ربّنا ؛ نسألك أن تردّ أرواحنا إلى أجسادنا فى الدّنيا ، حتى نقتل فى سبيلك ، فلمّا رأى أنّهم لا يسألون إلّا هذا تركهم».
رواه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن أبى معاوية (٢).
قوله : (بَلْ أَحْياءٌ)
الأصح فى حياة الشّهداء ما روينا عن النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أنّ أرواحهم فى أجواف طير خضر ، وأنّهم يأكلون ، ويرزقون ، (ويتنعّمون)» (٣).
وقيل : إنّ أرواحهم تركع وتسجد كلّ ليلة تحت العرش إلى يوم القيامة ، كأرواح الأحياء من المؤمنين الذين باتوا على الوضوء (٤).
وقوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ)
: ((٥) أى فى دار كرامته. ومعنى (عِنْدَ) معنى القرب والإكرام بحضور دار السّلام.
وقيل : (عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٥)) : أى فى علمه ، ((٥) كما تقول : حلال عند الشافعى ؛ أى فى علمه (٥)).
وقوله : (يُرْزَقُونَ)
: أى من ثمار الجنّة ، (كما روينا) (٦).
__________________
(١) ما بين الحاصرتين عن (سنن ابن ماجه ٢ : ٩٣٦).
(٢) أخرجه مسلم ـ بألفاظ تختلف ـ فى (صحيحه ـ كتاب الإمارة ـ باب بيان أن أرواح الشهداء فى الجنّة ٤ : ٥٥٠) ، وأخرجه ابن ماجه ـ بنحوه ـ فى (سننه ـ كتاب الجهاد ـ باب فضل الشهادة فى سبيل الله ٢ : ٩٣٦ ، حديث / ٢٨٠١) ، وأخرجه الترمذى ـ بمثله ـ فى (صحيحه ـ أبواب التفسير ـ ومن سورة آل عمران ١١ : ١٣٩ ـ ١٣٠) قال الترمذى : هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه السيوطى فى (الدر المنثور ٢ : ٣٧٣) وابن كثير فى (تفسيره ـ ٢ : ١٤٠).
(٣) ب : «ويتمتعون» والمثبت عن أ ، ج ، و (تفسير القرطبى ٤ : ٢٧٠) قال القرطبى : وهذا الصحيح من الأقوال ؛ لأن ما صح به النقل فهو الواقع.
(٤) ذكره القرطبى دون عزو فى (تفسيره ـ ٤ : ٢٧٠).
(٥ ـ ٥) الإثبات عن ج.
(٦) ب : «كما روى».