وأراد ب (الْعالَمِينَ :) عالمى زمانهم (١) ؛ والخطاب للموجودين منهم فى ذلك الوقت.
والمراد ب «التّفضيل» : سلفهم ؛ ولكن فى تفضيل الآباء شرفا للأبناء (٢) ؛ لذلك قال الله تعالى لهم : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ.)
٤٨ ـ قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً) أى : واحذروا واجتنبوا (٣) عقاب يوم ، (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أى : لا يقضى ولا يغنى (٤) أحد عن أحد فى ذلك اليوم ، يقال : جزى عنه كذا ؛ إذا قضى عنه.
قال الكلبىّ : هو يوم القيامة. يقول : يوما لا يغنى والد عن ولده ، ولا ولد عن والده (٥).
قوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ)(٦).
يقال : قبلت الشّىء أقبله قبولا وقبولا ؛ ويقال : على فلان قبول ، أى : تقبله العين (٧).
ومعنى «الشّفاعة» : كلام الشّفيع من هو فوقه فى حاجة يسألها لغيره ، وهو من «الشّفع» (٨) الذى هو خلاف الوتر ؛ وذلك أنّ سؤال الشفيع يصير شفعا لسؤال المشفوع له.
وقرئ : (لا يُقْبَلُ) ـ بالياء ـ لأن الشّفاعة والشّفع بمنزلة واحدة ، كما أنّ الوعظ
__________________
(١) كما روى عن الحسن ومجاهد وغيرهم ، فى (تفسير الطبرى ٢ : ٢٤).
(٢) ب : «الآباء شرف الأبناء».
(٣) أ : «واحذروا واخشوا».
(٤) أ ، ب : «لا تقضى ولا تغنى» بالتاء.
(٥) تضمين من آية ٣٣ من سورة لقمان.
(٦) فى الأصل المخطوط : «لا تقبل» بالتاء المضمومة ـ : وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وكذا يعقوب ... وافقهم ابن محيض واليزيدى. وما أثبت بالياء ـ حسب الرسم العثمانى للمصحف ـ ؛ وهى قراءة الباقين. (إتحاف فضلاء البشر ١٣٥). وانظر توجيه القراءتين فى (تفسير البحر المحيط ١ : ١٩٠).
(٧) حاشية ج : «إذا كان الشخص محبوبا للقلوب يقال : عليه قبول».
(٨) ب : «وهى من الشفع». انظر (اللسان ـ مادة : شفع).