الآية : خطاب لعلماء اليهود كانوا يقولون ـ لأقربائهم من المسلمين ـ : اثبتوا على ما أنتم عليه ـ ولا يؤمنون (١).
و «الألف» للاستفهام ، ومعناه التّوبيخ. والمراد ب «البرّ» : الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، و «النّسيان» ـ هاهنا ـ بمعنى : التّرك ؛ ومنه قوله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٢).
وبّخهم الله تعالى على ما كانوا يفعلون من أمر النّاس بالإيمان ، وترك أنفسهم عن ذلك.
وقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) أى : تقرءون التّوراة ، وفيها صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (أَفَلا تَعْقِلُونَ؟) أنّه حق فتتّبعونه.
وأصل «التّلاوة» من قولهم : تلاه يتلوه ؛ إذا تبعه. و «التّلاوة» : اتباع الحروف بالقراءة. ويقال : عقل الرّجل يعقل عقلا ؛ إذا كان عاقلا.
و «عقل الإنسان» : هو تمييزه الذى به فارق جميع الحيوان (٣). سمّى عقلا ؛ لأنّه يعقله ، أى : يمنعه عن التّورّط (٤) فى الهلكة ، كما يمنع العقال (٥) البعير عن ركوب رأسه.
أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسن التّاجر ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم ابن الحسن بن شاذان ، حدّثنا صالح بن أحمد الهروىّ ، حدّثنا أبو بجير محمد بن جابر (٦) ،
__________________
(١) هذا المعنى مختصر مما أخرجه الواحدى والثعلبى ، من طريق الكلبى ، عن ابن عباس ، قال : نزلت هذه الآية فى يهود أهل المدينة ؛ كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوى قرابته ، ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين : أثبت على الدين الذى أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل ـ يعنون محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فإن أمره حق ، وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه» (أسباب النزول للواحدى ٢٢).
(٢) سورة التوبة : ٦٧. أى : تركوا طاعة الله فتركهم الله من ثوابه : (تفسير الطبرى ٢ : ٩) ، حاشية ج : «النسيان والسهو. أصلهما الترك ، إلا أن السهو يكون لما علمه الإنسان ولما لم يعلمه ، والنسيان : ما غرب بعد تصوره».
(٣) ب : «جميع الحيوانات».
(٤) حاشية ج : «أى : عن الوقوع».
(٥) أ : «يعقل العقال» ، ب : «يمنع العقيل».
(٦) ب : «أبو يحيى بن محمد بن جابر».