موضع (إِذْ) نصب (١) نسقا على (إِذْ) التى قبلها (٢).
وقوله : (قُلْنا) هو من خطاب الأكابر والعظماء. يقول الواحد منهم : فعلنا ، لعلمه بأنّ أتباعه يفعلون كفعله ؛ فأخبر الله تعالى عن نفسه على الجمع (٣) ، لأنه ملك الملوك.
واختلفوا فى الملائكة الّذين أمروا بالسّجود لآدم من هم؟
فقال بعضهم : هم الّذين كانوا مع إبليس فى الأرض.
وقال آخرون : هم جميع الملائكة حتّى جبريل وميكائيل (٤) ؛ لأنّه قال : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)(٥). وفى هذا تأكيد للعموم.
وأصل «السّجود» فى اللّغة : الخضوع والتّذلّل. وكلّ من ذلّ وخضع لما أمر به فقد سجد. و «سجود كلّ موات (٦) فى القرآن» : طاعته لما سخّر له.
وقال أبو عبيدة : «عين ساجدة» : إذا كانت فاترة ، و «نخلة ساجدة» : إذا مالت لكثرة حملها.
وكان سجود الملائكة لآدم على جهة التكريم (٧) ، فكان ذلك تكريما لآدم ، وطاعة لله تعالى ، ولم يكن عبادة لآدم.
حكى ابن الأنبارىّ عن الفرّاء وجماعة من الأئمة : أنّ سجود الملائكة لآدم ـ عليهالسلام ـ كان تحيّة ولم يكن عبادة ؛ وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحيّة ، لا سجود صلاة وعبادة ، وكان ذلك تحيّة النّاس وتعظيم بعضهم بعضا ، ولم يكن وضع الوجه
__________________
(١) أ ، ب : «إذ فى موضع نصب». حاشية ج : «قوله : نسقا ، أى : عطفا»
(٢) حاشية ج : «إشارة إلى قوله : كل ما ورد فى القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر ، فيكون «إِذْ» ظرفا لقوله : اذكر».
(٣) أ : «على الجميع».
(٤) حاشية ج : «وهو الأصح» وانظر (تفسير الطبرى ١ : ٥٠١ ـ ٥٠٨)
(٥) سورة الحجر : ٣٠ ؛ ص : ٧٣.
(٦) حاشية ج : «أراد به الجمادات».
(٧) ب «على جهة التكرم».