وقال قتادة (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ :) أنّه يكون فى أولاد آدم من هو من أهل الطّاعة (١)
وقيل : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) : من تفضيل آدم عليكم ، وما أتعبّدكم به من السّجود له ، وأفضّله به عليكم من تعليم الأسماء ؛ وذلك أنّهم قالوا ـ فيما بينهم ـ : ليخلق ربّنا ما يشاء ، فلن يخلق خلقا أفضل ولا أكرم عليه منّا ، وإن كان خيرا منّا فنحن أعلم منه ؛ لأنّا خلقنا قبله ، ورأينا ما لم يره ؛ فلمّا أعجبوا بعلمهم فضّل الله آدم عليهم بالعلم ، فعلّمه الأسماء كلّها وذلك قوله :
٣١ ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٢)
ووجه تعليمه آدم : أن خلق فى قلبه علما بالأسماء على سبيل الابتداء ، وألهمه العلم بها.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : علّمه اسم كلّ شىء ، حتّى القصعة والمغرفة (٣).
وقال أهل التأويل : إنّ الله تعالى علّم آدم جميع اللّغات ، ثم إنّ أولاده تكلّم كلّ واحد منهم بلغة أخرى ، فلمّا تفرّقوا فى البلاد اختصّ كلّ فرقة منهم بلغة ؛ فاللّغات كلّها إنّما سمعت من آدم ؛ وأخذت عنه (٤)
وقوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ)
معنى «العرض» فى اللغة : الإظهار ؛ ومنه عرض الجارية ، وعرض الجند. يقال :
__________________
(١) كما جاء بنحوه فى (تفسير الطبرى ١ : ٤٧٩).
(٢) حاشية ج : «أى أسماء المسميات ، فحذف المضاف إليه لكونه معلوما مدلولا عليه بذكر الأسماء ، لأن الاسم لا بد له من مسمى ، وعوض منه اللام ، كقوله : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [سورة مريم : ٨] ؛ وقوله :
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) أى : أسماء الملائكة ، أو أسماء ذريته ، أو اسم كل شىء».
(٣) فى (الوجيز للواحدى ١ : ٩) «حتى اسم القصعة ...» وانظر (تفسير الطبرى ١ : ٤٨٢ ـ ٤٨٥).
(٤) قال الطبرى : «وأولى الأقوال بالصواب ... أنها أسماء ذريته وأسماء الملائكة ، دون سائر أجناس الخلق» ، (تفسير الطبرى ١ : ٤٨٥).