وقال أكثر المفسّرين : إنّهم قاسوا على الغائب (١) ، (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) ، كما فعل بنو الجانّ (٢).
وقوله تعالى : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ)(٣)
معنى «التّسبيح» ؛ : تنزيه الله من كلّ سوء. وكلّ من أثنى على الله تعالى وبعّده من السّوء ، فقد سبّح الله.
قال الحسن : معناه : نقول : «سبحان الله وبحمده» (٤).
وقال غيره : معنى قوله : (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) : نتكلّم بالحمد لك.
والنّطق بالحمد لله تسبيح له ، كما قال تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)(٥) ؛ وقال : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ)(٦) أى : احمده. ويكون حمد الحامد لله تسبيحا له ؛ لأنّ معنى «الحمد لله» (٧) : الثّناء عليه ، والشّكر له ؛ وهذا (٨) تنزيه له واعتراف أنّه أهل لأن ينزّه ويعظّم ، ويثنى عليه.
قوله تعالى : (وَنُقَدِّسُ لَكَ)
أى : نطهّرك وننزّهك عمّا لا يليق بك (٩) من النّقص. و «اللام» فيه صلة. و «التّقديس» : التّطهير ، و «القدس» : الطّهارة ، و «البيت المقدّس» : المطهّر.
وقوله : (قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)
قال ابن عباس : يعنى إضمار إبليس العزم على المعصية ، وما اطّلع عليه من كبره (١٠).
__________________
(١) حاشية ج : «أى : قاسوا الشاهد على الغائب ، لا أنهم كانوا يعلمون الغيب».
(٢) أ : «كما فعلوا بنو الحيان» وهو ليس بشيء. وانظر بيان ذلك فى (تفسير الطبرى ١ : ٤٥٤ ـ ٤٧٢).
(٣) حاشية ج : «قال ابن عطية فى تفسيره : معناه نطهر أنفسنا ابتغاء مرضاتك».
(٤) ويؤيد هذا المعنى ما رواه أبو ذر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل أى الكلام أفضل؟ قال : «ما اصطفاه الله لملائكته ، أو لعباده ؛ سبحان الله وبحمده» (صحيح مسلم ، باب دعاء الكرب ١٠ : ١٥٨ ـ ١٥٩ هامش القسطلانى).
(٥) سورة الشورى : ٥.
(٦) سورة النصر : ٣.
(٧) الزيادة عن أ ، ب.
(٨) حاشية ج : «أى : إنما يقال فى قوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ)».
(٩) حاشية ج : «أى : بعظمتك».
(١٠) وروى هذا المعنى ـ أيضا ـ عن مجاهد والسدى ؛ على ما فى (تفسير الطبرى ١ : ٤٧٦ ـ ٤٧٩).