وإنما قيل لهم هذا بعد أن ثبتت عليهم الحجّة (١) فى التّوحيد ، وصدق محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالآيات السابقة.
ثم وصف النّار فقال : (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ.)
قال ابن السّكيت : «الوقود» ـ بالضم ـ : المصدر ؛ يقال : «وقدت النّار تقد وقودا» (٢) و «الوقود» ـ بالفتح ـ : اسم لما توقد به النّار (٣) ؛ يقال : ما أجود هذا الوقود للحطب! و (الْحِجارَةُ) : جمع حجر ، وليس بقياس ، ولكنّهم قالوه كما قالوا : «جمل وجمالة» و «ذكر وذكارة» ؛ والقياس : أحجار.
وجاء فى التفسير عن ابن عباس وغيره : أنّ (الْحِجارَةُ) ـ هاهنا ـ : حجارة الكبريت وهى أشدّ لإيقاد النّار (٤).
وقيل : ذكر الحجارة : دليل على عظم تلك النّار ؛ لأنّها لا تأكل الحجارة إلّا إذا كانت فظيعة.
(أُعِدَّتْ) : خلقت وهيّئت (لِلْكافِرِينَ)(٥) لأنّهم الذين يخلّدون فيها.
ولما ذكر الله جزاء الكافرين بتكذيبهم ، ذكر جزاء المؤمنين بتصديقهم ، فقال :
٢٥ ـ (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا)(٦)
و «التّبشير» : إيراد الخبر السّارّ الذى يظهر أثر السرور فى بشرة المخبر ، هذا هو الأصل. ثم كثر استعماله حتّى صار بمنزلة الإخبار ، فاستعمل فى نقيضه ، كقوله (٧) :
__________________
(١) أ : «ثبتت الحجة عليهم».
(٢) قال أبو عبيدة : الوقود ـ مضموم الأول ـ : التلهب» كما فى (مجاز القرآن ١ : ٣٤) وبنحوه فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٨٠).
(٣) أ : «ما يوقد به النار». فى (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٣٤) «حطبها الناس».
(٤) وروى ـ أيضا ـ عن عبد الله بن مسعود وغيره ، كما فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٨١ ـ ٣٨٢).
(٥) حاشية ج : «وليس فى قوله : «أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» دليل على اختصاص الكافرين بالنار ، بل يجوز أن يدخلها غيرهم».
(٦) قال الواحدى : أى : أخبرهم خبرا يظهر به أثر السرور على بشرتهم» (الوجيز للواحدى ١ : ٧).
(٧) ب : «.. فى تعذيبه كقولهم» وهو تحريف.