و «الشّيطان» : كلّ متمرّد عات من الجنّ والإنس (١). قال الله تعالى : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ)(٢) واشتقاقه من شطن ، أى بعد. فمعنى «الشّيطان» : البعيد (٣) من الجنّة.
قال الزّجاج : ومعنى «الشّيطان» : الغالى فى الكفر المتبعّد فيه من الجنّ والإنس. قال ابن عباس : أراد ب (شَياطِينِهِمْ) : كبراءهم ورؤساءهم (٤).
وقوله تعالى : ([قالُوا] إِنَّا مَعَكُمْ) أى : على دينكم (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بأصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ حيث نقول لهم : آمنّا.
يقال : هزئ به يهزأ (٥) ، وتهزّأ به ، واستهزأ به ؛ وهو أن يظهر غير ما يضمر استصغارا وعبثا.
١٥ ـ قال الله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)
أى : يجازيهم جزاء استهزائهم ، فسمّى الجزاء باسم المجازى عليه (٦) ؛ كقوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٧) ، فسمّى الثّانى سيّئة باسم الأوّل (٨) ؛ وقال أيضا :
__________________
(١) (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٣٢) بزيادة «والدواب» و (اللسان ـ مادة : شطن) و (تفسير الطبرى ١ : ١١١) وفى (مفردات الراغب ٢٦١) باختلاف يسير.
(٢) سورة الأنعام : ١١٢.
(٣) ب «الشياطين : البعيدين».
(٤) فى (تفسير الطبرى ١ : ٢٩٧) بزيادة ، فى الكفر» وفى (تنوير المقياس ـ بهامش الدر المنثور ١ : ٩) ، «وهم خمسة نفر : كعب بن الأشرف. بالمدينة ، وأبو بردة الأسلمى فى بنى أسلم ، وابن السوداء بالشام ، وعبد الدار فى جهينة وعوف بن عامر فى بنى عامر».
(٥) ب : «يهزأ به».
(٦) حاشية ج : «سمى الجزاء باسمه ، لأنه فى مقابلته ، قال ابن جرير : «هذا إخبار من الله أنه مجازيهم جزاء استهزائهم .. ، فأخرج خبره عن جزائه إياهم ، ... مخرج خبره عن فعلهم الذى عليه استحقوا العقاب فى اللفظ ، وإن اختلف المعنيان» (تفسير الطبرى ١ : ٣٠٢).
(٧) سورة الشورى : ٤٠.
(٨) قال الطبرى : «ومعلوم أن الأولى من صاحبها سيئة : إذ كانت منه لله تبارك وتعالى معصية ، وأن الأخرى عدل ، لأنها من الله جزاء للعاصى على المعصية ، فهما ـ وإن اتفقا لفظاهما ـ مختلفتا المعنى» (تفسير الطبرى ١ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣).