قوله : (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ) أى : لا يمتنع. يقال : أبى فلان الشّىء يأباه ؛ إذا امتنع عنه.
قال مجاهد والرّبيع : واجب على الكاتب أن يكتب إذا أمر ، لأنّ الله تعالى أمره ألّا يأبى (١).
وقال الضّحاك : كانت هذه عزيمة (٢) واجبة على الكاتب والشّاهد ، فنسخها قوله : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ)(٣).
وقوله : (كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ)
أى : لا يأب أن يكتب كما أمره الله عزوجل من العدل.
وقوله : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ)
«الإملال والإملاء» لغتان. قال الفرّاء : «أمللت» لغة أهل الحجاز وبنى أسد ؛ و «أمليت» لغة بنى تميم وقيس ، نزل القرآن باللّغتين ؛ قال الله تعالى ـ فى اللّغة الثانية : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ)(٤).
ومعنى الآية : أنّ الذى عليه الدّين يملى (٥) ، لأنّه المشهود عليه ، فيقرّ على نفسه بلسانه ، ليعلم ما عليه.
وقوله : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً)
«البخس» : النّقصان. «يقال» (٦) : بخسه حقّه ؛ أى نقصه (٧). أمر من عليه الحقّ أن يقرّ بمبلغ المال الذى عليه الحقّ ، ولا ينقص شيئا.
__________________
(١) على ما جاء فى (تفسير ابن كثير ١ : ٤٩٧) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٨٣).
(٢) حاشية ج : «أى : الكتابة».
(٣) كما جاء فى (تفسير القرطبى ٣ : ٣٨٤) و (الوجيز للواحدى ١ : ٨٢) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٨٤).
(٤) سورة الفرقان : ٥. انظر (تفسير القرطبى ٣ : ٣٨٥) و (تفسير الكشاف ١ : ٣٨٨) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٨٤) و (البحر المحيط ٢ : ٣٤٢).
(٥) ب : «أن الدين يملى عليه». كما فى (معانى القرآن للفراء ١ : ١٨٣) و (الوجيز للواحدى ١ : ٨٢).
(٦) الإثبات عن أ ، ب.
(٧) ب : «نحسته حقه ، أى نقصته».