وبه مسّ ، وألس (١) ؛ وأصله من المسّ باليد. كأنّ الشّيطان يمسّ الإنسان فيجنّه ، ثم سمّى الجنون مسّا ، كما أنّ الشّيطان يتخبّطه برجله فيخبّله ، فسمّى الجنون خبطة.
قال قتادة : إنّ آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونا ؛ وذلك علم لأكلة الرّبا يعرفهم به أهل الموقف.
وقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا)
أى : ذلك الذى نزل بهم بقولهم هذا (٢) ، واستحلالهم إيّاه.
وذلك أنّ المشركين قالوا : الزّيادة على رأس المال بعد محلّ الدّين كالزّيادة بالرّبح فى أوّل البيع ، وكان أحدهم إذا حلّ له مال على إنسان قال لغريمه : زدنى فى المال حتّى أزيدك فى الأجل ؛ فكذّبهم الله عزوجل فقال : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) أى : وعظ. قال السّدّىّ : يعنى القرآن (فَانْتَهى) عن أكل الرّبا (فَلَهُ ما سَلَفَ) أى : ما أكل من الرّبا ، ليس عليه ردّه (٣).
ومعنى (سَلَفَ) : تقدّم ومضى. «والسّلوف» (٤) : التّقدّم ، (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) أى بعد النّهى ، إن شاء عصمه حتّى يثبت على الانتهاء ، وإن شاء خذله حتّى يعود (وَمَنْ عادَ) إلى استحلال الرّبا (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قال أبو إسحاق الزّجاج : هؤلاء الذين (قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ، ومن اعتقد هذا فهو كافر.
أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسن الحافظ ، حدّثنا أبو المفضّل (٥) الشّيبانى ، حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان ، حدّثنا محفوظ بن يحيى ، حدّثنا خالد
__________________
(١) الألس : اختلاط العقل ؛ وقد ألس الرجل فهو مألوس ، أى مجنون. (اللسان ـ مادة : ألس).
(٢) حاشية ج : «أى : العذاب النازل بهم بسبب قولهم هذا : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا)».
(٣) ب : «زيادة». حاشية ج : «أى : من أكل الربا فى الجاهلية ليس عليه رده».
(٤) ب : «والسلف». انظر (اللسان ـ مادة : سلف).
(٥) ب : «أخبرنا أبو الفضل».