حتى أستأمر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فإنّكما لستما على دينى ، فاستأمرته فى ذلك ، فأنزل الله هذه الآية. فأمرها رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، أن تتصدّق عليها (١).
وهذا فى صدقة التطوّع ، أباح الله أن يتصدّق على الملّىّ (٢) والذّمّى ؛ فأمّا صدقة الفرض فلا يجوز أن يتصدّق بها إلّا على المسلمين.
ومعنى الآية : ليس عليك هدى من خالفك فتمنعهم الصّدقة ؛ ليدخلوا فى الإسلام حاجة منهم إليها.
وأراد بالهدى هاهنا : هدى التوفيق ، وخلق الهداية ، لأنّه كان على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هدى البيان والدّعوة لجميع الخلق.
قوله : (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ)
قال ابن عباس : يريد أولياءه (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) أى : من مال. وهو شرط وجوابه (فَلِأَنْفُسِكُمْ) [ثوابه](٣) (وما تنفقون إلّا ابتغاء وجه الله) ظاهره خبر ، وتأويله (٤) نهى. أى : ولا تنفقوا (٥) إلّا ابتغاء وجه الله ، كقوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٦) و (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها)(٧)
وفى ذكر «الوجه» فى قوله : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) قولان :
أحدهما ؛ أنّ المراد منه تحقيق الإضافة ؛ لأنّ ذكر الوجه يرفع الإيهام أنّه له (٨) ولغيره ؛
__________________
(١) كما فى (أسباب النزول للواحدى ٨٣) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٨٥) و (الوجيز للواحدى ١ : ٧٩) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥).
(٢) حاشية ج : «أى الكافر الذى لا يكون معه عقد ذمة».
(٣) حاشية ج : «أى : تعملونه لأنفسكم». ما بين الحاصرتين زيادة للبيان عن (الوجيز للواحدى ١ : ٧٩).
(٤) ب : «ومعناه».
(٥) ب : «فلا تنفقوا».
(٦) سورة الواقعة : ٧٩. حاشية ج : «ظاهره نفى ولكن المراد النهى».
(٧) سورة البقرة : ٢٣٣.
(٨) حاشية ج : «أى : أن الإنفاق لله تعالى».