وقال الضّحاك والكلبىّ : (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) يعنى : الآخرة ، لأنّهم يقدمون عليها ، (وَما خَلْفَهُمْ) : الدّنيا ، لأنّهم يخلّفونها وراء ظهورهم (١).
وقوله : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ.)
قال الليث : يقال لكل من أحرز شيئا أو بلغ علمه أقصاه ؛ قد أحاط به (٢).
(مِنْ عِلْمِهِ) أى : من معلومه (٣) ؛ والمفعول يسمّى باسم المصدر كثيرا.
وقوله : (إِلَّا بِما شاءَ :) إلّا بما أنبأ به الأنبياء ، ليكون دليلا على ثبوت نبوّتهم. قال ابن عباس : ما أطلعهم (٤) على علمه.
وقوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)
يقال : وسع فلان الشىء يسعه سعة ؛ إذا احتمله وأطاقه ، وأمكنه القيام به.
يقال : لا يسعك هذا ؛ أى : لا تطيقه ولا تحتمله (٥).
وأما «الكرسىّ» فقال ابن عباس فى رواية عطاء والسّدّى : إنّه الكرسىّ بعينه (٦) ، وهو لؤلؤ ، «وما السّماوات السّبع فى الكرسىّ إلّا كدراهم سبعة ألقيت فى ترس» (٧).
والمعنى : أنّ كرسيّه مشتمل بعظمه على السّماوات والأرض.
__________________
(١) انظر (الوجيز للواحدى ١ : ٧٣) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٢٧) و (تفسير القرطبى ٣ : ٢٧٦) و (البحر الوسيط ٢ : ٢٧٩).
(٢) كما فى (اللسان ـ مادة : حوط) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٢٨).
(٣) حاشية ج : «وهذا كقول الخضر لموسى عليهالسلام ـ حين نقر العصفور من جوف السفينة ـ : ما نقص علمى وعلمك من علم الله تعالى إلا كما نقص العصفور من البحر. فهذا راجع إلى المعلومات ، لأن علم الله تعالى الذى هو صفة ذاته لا يتبعض. ومعنى الآية : لا معلوم لأحد إلا بما شاء الله أن يعلمه. ذكره ابن عطية ؛» وانظر (تفسير القرطبى ٣ : ٢٧٦).
(٤) ب : «بما أطلعهم».
(٥) انظر (اللسان ـ مادة : وسع).
(٦) حاشية ج : «يعنى : عين الكرسى الذى هو جسم. وإنما قال هذا لأن بعضهم حمله على أمر آخر ، كما سيجىء وانظر (تفسير الكشاف ١ : ٢٧٨).
(٧) هذا الحديث أخرجه ابن جرير عن زيد ؛ انظر (تفسير ابن كثير ١ : ٤٥٧).