ولمّا ذكر الله تعالى عفو المرأة عن النّصف الواجب ذكر عفو الزّوج عن النّصف السّاقط ، فيحسن لها أن تعفو ولا تطالبه بشيء ؛ وللرجل أن يعفو ويوفّى المهر كاملا.
أخبرنا أبو بكر الحارثى ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدّثنا أبو يحيى الرّازىّ ، حدّثنا سهل بن عثمان العسكرىّ ، حدّثنا يحيى بن أبى زائدة ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب (١) قال :
طلّق جبير بن مطعم امرأة له قبل أن يدخل بها ، فأعطاها الصّداق كاملا ، وقال : أنا أحقّ بالعفو منها (٢).
وقوله : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)
هذا خطاب للرّجال والنّساء جميعا ، ومعناه : وعفو (٣) بعضكم عن بعض أدعى إلى اتّقاء معاصى الله ؛ لأنّ هذا العفو ندب ، فإذا انتدب إليه علم أنّه لمّا كان فرضا [كان](٤) أشدّ استعمالا (٥).
وقوله : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
قال ابن عباس : ولا تتركوا أن يتفضّل بعضكم على بعض (٦). وهذا حثّ من الله تعالى للزّوج والمرأة على الفضل والإحسان ، وأمر لهما جميعا أن يستبقا إلى / العفو. ([إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ]).
__________________
(١) ا : «عن الرحمن حاطب» وهو خطأ.
(٢) على ما فى (الأم للشافعى ٥ : ٦٦) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٧٢) و (البحر المحيط ٢ : ٢٣٦) و (الفخر الرازى ٢ : ٢٨٦) و (تفسير القرطبى ٣ : ٢٠٦).
(٣) ب : «ومعنى عفو».
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من (الوجيز للواحدى ١ : ٦٦).
(٥) حاشية ج : «تحرير المعنى : أنه إذا كان المكلف راغبا فى أداء المندوبات وإتيانه بها ، ففى الاستعمال بالفرض وأدائه أولى وأشد من أداء المندوبات.».
(٦) كما فى (تنوير المقباس ١ : ١٢٢ بهامش الدر المنثور) و (الوجيز للواحدى ١ : ٦٦).