يعنى الشمس (١) إذا بدأت فى المغيب.
و (التَّهْلُكَةِ) : الهلاك. يقال : هلك يهلك هلاكا وهلكا وهلكا وتهلكة (٢).
ومعنى «الهلاك» : الضّياع ؛ وهو مصير الشّىء بحيث لا يدرى أين هو؟
والمعنى : لا تقربوا ممّا يهلككم ، لأنّ من ألقى يده إلى الشّىء فقد قرب منه.
وهذا مبالغة فى الزّجر ، وتأكيد فى النّهى ، وكأن (٣) المعنى : لا تقربوا من ترك الإنفاق فى سبيل الله ؛ أى لا تمسكوا ولا تبخلوا ؛ وهذا نهى عن ترك النّفقة فى الجهاد.
قال ابن عباس : أنفق فى سبيل الله ، وإن لم يكن لك إلّا سهم أو مشقص (٤) ، ولا يقولنّ أحدكم : لا أجد شيئا (٥).
وقال السدىّ : أنفق فى سبيل الله ولو عقالا ، ولا تقل ليس عندى شىء (٦).
قال الزجاج : معناه : إنكم إن لم تنفقوا فى سبيل الله هلكتم بالمعصية ؛ وجائز أن يكون هلكتم بتقوّى عدوّكم عليكم (٧).
وقال أبو أيّوب الأنصارىّ : إنها نزلت فينا معشر الأنصار لمّا أعزّ الله دينه ، ونصر رسوله ، قلنا : لو أقمنا فى أموالنا ، فأصلحنا ما ضاع منها ؛ فأنزل الله هذه الآية (٨).
وعلى هذا (٩) معنى الآية لا تتركوا الجهاد فتهلكوا. (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
__________________
(١) أ : «أى : بدأت».
(٢) (اللسان ـ مادة : هلك) و (تفسير القرطبى ٢ : ٣٦٣). حاشية ج : «قيل : التهلكة : ما يمكن الاحتراز عنه ؛ والهلاك : ما لا يمكن الاحتراز عنه ، أى لا يأخذوا فى ذلك».
(٣) أ«فكأن».
(٤) «المشقص ـ كمنبر ـ : نصل عريض أو سهم فيه نصل يرمى به الوحش» : (اللسان ـ مادة : شقص).
(٥) كما فى (الدر المنثور ١ : ٢٠٧) و (تفسير القرطبى ٢ : ٣٦٢).
(٦) على ما نقله القرطبى فى (تفسيره ـ ٢ : ٣٦٢) بتغيير يسير.
(٧) حاشية ج : «لأنكم إذا لم تنفقوا المال فى مقاتلة العدو ، ولم تشتغلوا بقتالهم ، يتقوى الكفار الذين هم عدو عليكم» وبنحوه فى (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٥٢).
(٨) كما فى (أسباب النزول للواحدى ٥١ ـ ٥٢) و (تفسير الطبرى ٢ : ٥٩٠) و (تفسير القرطبى ٢ : ٣٦١ ـ ٣٦٢) و (البحر المحيط ٢ : ٧٠) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٥٢).
(٩) حاشية ج : «أى : على تفسير أبى أيوب».