والمعنى : أنّكم تلابسونهنّ وتخالطونهنّ بالمساكنة وهنّ كذلك. أى : قلّ ما يصبر أحد الزّوجين عن الآخر (١) ، فمن فضل الله أن رخّص فى إتيانهنّ ليالى الصّوم.
وقوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ)
يقال : خانه واختانه ؛ إذا لم يف له. والمعنى : علم الله أنّكم كنتم تخونون أنفسكم بالمعصية. أى : لا تؤدّون الأمانة فى الامتناع عن المباشرة.
(فَتابَ عَلَيْكُمْ) أى : عاد عليكم بالرّخصة (وَعَفا عَنْكُمْ) ما فعلتم قبل هذا (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) أمر إباحة.
و «المباشرة» المجامعة لتلاصق البشرتين (٢)(وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أى : اطلبوا ما قضى الله لكم من الولد. وهذا قول أكثر المفسّرين (٣). (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) أمر إباحة (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) فسّر النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذا ببياض النّهار وسواد اللّيل.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر ابن الهيثم الأنبارىّ ، حدّثنا محمد بن أبى العوّام ، حدّثنا الأسود بن عامر (٤) ، حدّثنا شريك ، عن حصين ، عن عامر ، عن عدىّ بن حاتم قال :
قلت النبىّ ، صلىاللهعليهوسلم : إنّى وضعت تحت رأسى خيطين ، فلم يتبيّن لى شىء.
قال : «إنّك لعريض الوساد (٥) ، إنّما ذلك الليل من النّهار ، أو النّهار من الليل»
رواه مسلم (٦) عن أبى بكر بن أبى شيبة ، عن عبد الله بن إدريس ، عن حصين.
__________________
(١) أ : «على الآخر».
(٢) وانضمامهما ؛ ومنه ما روى أنه عليهالسلام نهى أن يباشر الرجل الرجل والمرأة المرأة. (الفخر الرازى ٢ : ١٤١)
(٣) كما فى (تفسير ابن كثير ١ : ٣١٨) و (الدر المنثور ١ : ١٩٨) و (تفسير القرطبى ٢ : ٣١٨) و (البحر المحيط ٢ : ٥٠) و (الفخر الرازى ٢ : ١٤١).
(٤) أ : «أسود بن عامر» تحريف.
(٥) أ : «الوسادة». حاشية ج «كناية عن عريض القفا ، وعريض القفا ، كناية عن الأحمق».
(٦) هذا الحديث رواه مسلم بهذا السند ، عن عدى بن حاتم ، بلفظ مختلف. انظر (صحيح مسلم ـ باب أن الدخول فى الصوم يحصل بطلوع الفجر ٣ : ١٤٤).