وظاهر القرب يدلّ على السّماع ، لا على الإجابة. و «الإجابة» قد تكون فى بعض المواضع بمعنى السّماع ، لأنّها تترتّب (١) على السّماع ، فسمّى السّماع إجابة ، كما تقول : دعوت من لا يجيب ، أى : «دعوت» (٢) من لا يسمع. قال الشّاعر :
منزلة صمّ صداها وعفت |
|
أرسمها إن سئلت لم تجب |
أراد : لم تسمع ، فنفى الإجابة ، لأنّ نفيها (٣) يدلّ على نفى السّمع (٤).
وقوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) أى : فليجيبونى بالطّاعة وتصديق الرّسل.
وأجاب واستجاب بمعنى واحد. وإجابة العبد لله تعالى : الطّاعة.
وقوله : (وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) : / ليكونوا على رجاء من إصابة الرّشد ؛ وهو نقيض (٥) الغىّ.
١٨٧ ـ قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ).
قال المفسّرون : كان الجماع فى أوّل فرض الصّيام محرّما فى ليالى الصّيام ، والأكل والشّرب بعد العشاء الآخرة ، فأحلّ الله تعالى ذلك كلّه إلى طلوع الفجر (٦).
وقال الوالبىّ عن ابن عباس : كان المسلمون فى شهر رمضان إذا صلّوا العشاء الآخرة حرم عليهم النّساء والطّعام إلى مثلها من القابلة (٧) ، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا
__________________
(١) أ : «ترتب».
(٢) الإثبات عن أ.
(٣) أ : «بانيها».
(٤) أ : «السماع».
(٥) أ : «يقتضى» وهو خطأ.
(٦) على ما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٤٨ ـ ٤٩) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣١٦) و (تفسير القرطبى ٢ : (٣١٤ ـ ٣١٥) و (الفخر الرازى ٢ : ٢٣٨).
(٧) حاشية ج : «أى الليلة الآتية».