وقوله : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ)(١)
قال السّدى : ما من مؤمن يدعو الله إلّا استجاب له ، فإمّا أن عجّل له فى الدّنيا ، وإمّا أن ادّخر (٢) له فى الآخرة ، أو دفع به عنه مكروها. ويدلّ على صحّة هذا التفسير ما أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصّوفى ، أخبرنا محمد بن أحمد بن أيوب ، أخبرنا عبد الله بن رستم الدينورى ، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن ، أخبرنا عمى عمر بن عبد الله بن وهب ، أخبرنى طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن أبى هريرة. أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«ما قال عبد قطّ : يا ربّ يا ربّ يا ربّ ثلاثا ، إلّا قال الله عزوجل : لبّيك عبدى ، فيعجّل من ذلك ما يشاء ، ويؤخّر ما يشاء».
وما أخبرنا أحمد بن الحسن الحيرىّ ، أخبرنا محمّد بن يعقوب ، أخبرنا أحمد بن حازم الغفارىّ ، حدّثنا أبو غسّان ، عن جعفر (يعنى الأحمر) ، عن بيان ، عن أنس بن مالك قال : قال أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : إنّا ندعو بدعاء كثير ، منه ما نرى إجابته ، ومنه ما لا نرى إجابته. فقال :
«والّذى نفس محمّد بيده ـ ما منكم من أحد يدعو بدعوة إلّا استجيب له ، أو صرف عنه مثلها سوءا ، إذا لم يدع بمأثم ، أو قطيعة رحم». قالوا يا رسول الله : إذا نكثر. قال : «فالله أكثر وأطيب ـ ثلاث مرّات» (٣).
قال ابن الأنبارىّ : (أُجِيبُ) ـ هاهنا ـ بمعنى : أسمع ، لأنّه أخبر عن قربه ،
__________________
(١) حاشية ج : «فإن قيل : ما وجه قوله تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) ، وقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ؛ وقد ندعى كثيرا فلا نجيب؟
قلنا : اختلفوا فى معنى الآيتين. قيل : معنى الدعاء : الطاعة ، ومعنى الإجابة : الثواب. وقيل : معنى الآيتين خاص وإن كان لفظهما عام ؛ تقديرهما : أجيب دعوة الداعى إن شئت ، كما قال : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ) [سورة الأنعام : ٤١] ، وأجيب دعوة الداعى إن وافق القضاء ، أو أجيبه إن كانت الإجابة خيرا له ، أو أجيبه إن لم يسأل محال. من المعالم».
(٢) أ : «أن يعجل ... أن يدخر».
(٣) هذا الحديث أخرجه الترمذى عن جابر ، بألفاظ مختلفة ، انظر (صحيح الترمذى ، أبواب الدعوات عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ٢ : ٢٤٤).