والمعنى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) بالرّخصة للمسافر والمريض ، (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) لأنه لم يشدّد ولم يضيّق (١) عليكم.
قال الشّعبىّ : إذا اختلف عليكم أمران ، فإنّ أيسرهما (٢) أقربهما إلى الحقّ ، لأنّ الله تعالى يقول : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشّيرازىّ ، أخبرنا علىّ بن محمد بن أحمد ابن عطيّة الحضرمىّ ، أخبرنا الحرث بن أبى أسامة ، حدّثنا أبو يونس سعيد بن يونس ، حدّثنا حمّاد ، عن الجريرىّ ، عن عبد الله بن شقيق ، عن محجن بن الأدرع : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، بلغه أنّ رجلا فى المسجد يطيل الصلاة ، فأتاه ، فأخذ بمنكبه ، ثم قال :
«إنّ الله رضى لهذه الأمّة اليسر ، وكره لهم العسر ـ قالها ثلاث مرّات ـ ، وأنّ هذا أخذ بالعسر وترك اليسر» (٣).
وقوله : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) يعنى : عدّة ما أفطرتم إذا أقمتم وبرأتم (٤) ، فصوموا للقضاء بعدد أيّام الإفطار بالعذر.
قال الفرّاء : معنى الآية : ولتكمّلوا العدّة فى قضاء ما أفطرتم (٥). و «الواو» واو استئناف ، و «اللام» من صلة فعل مضمر بعدها. والتّقدير : ولتكملوا العدّة شرع الرّخصة ؛ ومثله قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٦) أى : وليكون من الموقنين أريناه ذلك.
__________________
(١) أ : «من الصيام عليكم».
(٢) «أى : أحبهما إلى الله تعالى».
(٣) هذا الحديث رواه ابن مردويه عن محجن بن الأدرع ـ بنحوه ـ كما فى (تفسير ابن كثير ١ : ٣١٢) ورواه الطبرانى فى الكبير. انظر (مختصر شرح الجامع الصغير ١ : ١١٨).
(٤) حاشية ج : «أى : إذا أقتم من سفر ، أو برأتم من مرض.».
(٥) انظر (معانى القرآن للفراء ١ : ١١٣) و (البحر المحيط ١ : ٤٣) و (الفخر الرازى ٢ : ١٣٢)
(٦) سورة الأنعام : ٧٥.