ثم أنزل على مواقع النّجوم (١) أرسالا (٢) فى الشّهور والأيّام.
وقوله : (هُدىً لِلنَّاسِ) أى : هاديا ، يعنى القرآن (وَبَيِّناتٍ) جمع : بيّنة. يقال : بان الشّىء يبين بيانا فهو بيّن ، مثل : بيّع بمعنى : بائع. و «البيّنات» : الواضحات. قال عطاء عن ابن عبّاس : (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) يريد : من الرّشاد إلى مرضاة الله. (وَالْفُرْقانِ) يريد : فرق فيه بين الحقّ والباطل ، وبيّن لكم ما تأتون وما تذرون.
قوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) أى : حضر ، و «الشّهود» فى اللّغة : الحضور. ومفعول (شَهِدَ) محذوف ، لأنّ المعنى / : فمن شهد منكم البلد ، أو بيته فى الشّهر. وانتصاب (الشَّهْرَ) على الظّرف.
قوله : (فَلْيَصُمْهُ) قال ابن عباس وأكثر المفسّرين : معناه : فليصم ما شهد منه (٣) ؛ لأنّه إن سافر فى خلال الشّهر كان له الإفطار.
وقوله : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ [فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ])
أعاد تخيير المريض والمسافر. وترخيصهما فى الإفطار ؛ لأنّ الله تعالى ذكر فى الآية الأولى تخيير المقيم والمسافر والمريض ، ونسخ فى الثّانية تخيير المقيم بقوله : (فَلْيَصُمْهُ) ؛ فلو اقتصر على هذا احتمل أن يعود النّسخ إلى تخيير الجميع ؛ فأعاد بعد النّسخ ترخيص المسافر والمريض ؛ ليعلم أنّه باق على ما كان.
وقوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ)
(الْيُسْرَ) : السّهولة. يقال : تيسّر هذا الأمر ؛ إذا سهل ولان.
__________________
(١) فى (الوجيز للواحدى ١ : ٤٧) «(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) جملة واحدة من اللوح المحفوظ فى ليلة القدر من شهر رمضان ، فوضع فى بيت العزة فى سماء الدنيا ، ثم نزل به جبريل عليهالسلام على نبينا عليهالسلام نجوما نجوما عشرين سنة ؛ فذلك قوله : (بِمَواقِعِ النُّجُومِ)».
(٢) أ : «أرسلها» وهو تحريف. فى (اللسان ـ مادة : رسل) «أرسالا : جمع رسل ـ بفتح الراء وتسكين السين المهملة ـ وهو التتابع».
(٣) سواء شهد كل الشهر أو بعضه ، لأنه روى عن ابن عباس : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى مكة عام الفتح فى رمضان فصام ، حتى بلغ الكديد ، ثم أفطر فأفطر الناس معه. (تفسير ابن كثير ١ : ٣١١).