قوله : (وَالدَّمَ.) كانت العرب تجعل الدّم فى المباعر وتشويها (١) ، ثم تأكلها ، فحرّم الله الدّم ؛ وقد خصّت السنّة هذين الجنسين ؛ وهو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أحلّت لنا ميتتان ودمان ؛ أمّا الميتتان : فالجراد والسّمك (٢) ؛ وأمّا الدّمان : فالكبد (٣) والطّحال» (٤).
وقد الله تعالى : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً)(٥) فقيّد وأطلق فى هذه الآية ، والمطلق يحمل على المقيّد (٦).
وقوله : (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) أراد : الخنزير بجميع أجزائه. وخصّ اللحم ، لأنّه المقصود بالأكل ، (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) معنى «الإهلال» فى اللّغة : رفع الصّوت.
قال ابن أحمر :
يهلّ بالفرقد ركبانها |
|
كما يهلّ الرّاكب المعتمر (٧) |
ويقال : للمحرم مهلّ : لرفعه الصّوت بالتّلبية ، وللذّابح مهلّ ؛ لرفعه الصّوت بذكر (٨) ما يذبح على اسمه. ومعنى (ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) قال ابن عباس : ما ذبح للأصنام وذكر عليه غير اسم الله. وهذا قول جميع المفسّرين.
أخبرنا أبو منصور البغدادىّ ، أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن رجاء / ، أخبرنا إبراهيم
__________________
(١) أ : «وتشويها» ـ بضم التاء ، وفتح الشين ، وكسر الواو المشددة».
(٢) أ : «فالسمك والجراد».
(٣) ب : «فالكبدة».
(٤) روى هذا الحديث عن ابن عمر ، بألفاظ مختلفة ، (سنن ابن ماجه ، باب صيد الحيتان والجراد ٢ : ١٠٧٣ حديث ٣٢١٨) وقد رمز له بعلامة الصحيح (مختصر شرح الجامع الصغير ١ : ١٩).
(٥) سورة الأنعام : ١٤٥.
(٦) حاشية ج : «هذا يوافق مذهب أبى حنيفة. أما مذهب الشافعى رضى الله عنهما فيقول : الآية إنما تدل على أنه تعالى ما بين له إلا تحريم هذه الأشياء. وهذا لا ينافى أن يبين له بعد ذلك تحريم ما عداها ، فلعل قوله : (إِنَّما حَرَّمَ) نزلت بعد ذلك ، فكانا ذلك بيانا لتحريم الدم ، سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح».
(٧) هذا البيت فى (الجمهرة ٢ : ٣٨٧) و (اللسان ـ مادة : هلل) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٥٠) و (تفسير الطبرى ٦ : ٣٨). وحاشية ج : «الفرقد : ولد البقرة. يعنى أن الركبان إذا رأوا ولد البقرة يرفعون أصواتهم ، كرفع الصوت فى العمرة».
(٨) ب : «لرفع الصوت بذكر لله».