١٦٥ ـ قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً)
لمّا ذكر الله تعالى الدّلالة على وحدانيّته ، أعلم أنّ قوما ـ بعد هذه الدّلالة والبيان ـ يتّخذون الأنداد (مِنْ دُونِ اللهِ)(١) مع علمهم أنهم لا يأتون بشيء مما ذكره.
ومضى (٢) تفسير «الأنداد» (٣). قال أكثر المفسّرين يريد ب «الأنداد» : الأصنام المعبودة من دون الله.
وقوله : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) أى : يحبّون الأصنام كحبّ المؤمنين الله تعالى. ومعنى «حبّ المؤمنين الله» : حبّ طاعته ، والانقياد (٤) لأمره ، ليس معنى يتعلّق بذات القديم سبحانه.
وقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)(٥) ، أى : أثبت وأدوم ؛ وذلك أنّ المشركين كانوا يعبدون صنما ، فإذا رأوا شيئا أحسن منه تركوا ذلك ، وأقبلوا على عبادة الأحسن. وقال قتادة : إنّ الكافر يعرض (٦) عن معبوده فى وقت البلاء ، والمؤمن لا يعرض عن الله سبحانه فى السّرّاء والضّرّاء ، والشّدّة والرّخاء ، ولا يختار عليه سواه.
أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكّى ، أخبرنا أبو علىّ بن أحمد الفقيه ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب ، حدّثنا يحيى بن حكيم ، حدّثنا ابن أبى عدىّ عن شعبة ، عن الأعمش ، عن أبى وائل ، عن عبد الله قال :
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : كلمة وأنا أقول أخرى ـ قال : «من مات وهو يجعل لله سبحانه ندّا دخل النّار» ؛ وأنا أقول : من مات وهو لا يجعل لله
__________________
(١) الإثبات عن ب.
(٢) ب : «وقد مضى».
(٣) انظر معنى «الأنداد» فيما تقدم عند تفسير الآية ٢٢ من هذه السورة صفحة (٥٥ ـ ٥٦) من هذا الجزء.
(٤) ب : «وانقياد لأمره».
(٥) حاشية ج : «لأن الله تعالى أحبهم أولا ثم أحبوه ؛ ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتم».
(٦) ج : «يعرض على» والمثبت عن أ ، ب و (الوجيز للواحدى ١ : ٤٣).