وهذا كما يروى أنّ النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «اللهم صلّ على آل أبى أوفى» (١) ؛ أى ارحمهم واغفر لهم.
قال ابن كيسان : وجمع الصّلوات ، لأنّه عنى بها : رحمة بعد رحمة ، وذكر الرحمة بعد الصّلوات لإشباع المعنى (٢) ، والاتّساع فى اللفظ ؛ ومثله قوله تعالى : (سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ)(٣) ، وقال ذو الرمّة :
لمياء فى شفتيها حوّة لعس |
|
وفى اللّثات وفى أنيابها شنب (٤) |
فكرّر لمّا اختلف اللّفظ.
وقوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.)
قال ابن عباس : يريد الذين اهتدوا للتّرجيع (٥). وقيل : إلى الجنّة والثّواب.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصفهانىّ ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثّقفىّ ، حدّثنا قتيبة (٦) ، حدّثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن سعيد بن المسيّب ، عن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال :
نعم العدلان ، ونعم العلاوة (٧) : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) نعم العدلان ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) نعم العلاوة (٨).
__________________
(١) هذا الحديث رواه الشيخان عن عبد الله بن أبى أوفى. (اللؤلؤ والمرجان ، كتاب الزكاة ـ باب الدعاء لمن أتى بصدقة ١ : ٢٣٧ حديث ٦٥١) وجاء فى (اللسان ـ مادة : صلا).
(٢) حاشية ج : «أى : لإتمام المعنى ، وللإيذان بأن الرحمة غير منقطعة».
(٣) سورة التوبة : ٧٨ ؛ والزخرف : ٨٠.
(٤) هذا البيت فى (ديوان شعر ذو الرمة : ٢٥) و (اللسان ـ مادة : لعس) و (والأغانى ١ : ٣٥٩) حاشية ج ، وحاشية الأغانى : «اللمياء : بينة اللمى ؛ وهو سمرة فى الشفة تستحسن ؛ والحوة : سمرة الشفة. واللعس : لون الشفة إذا ضربت إلى السواد قليلا. واللثة ـ بالتخفيف ـ : ما حول الأسنان .. والجمع : «لثات ولثا» ؛ «الشنب» : رقة وبرد وعذوبة فى الأسنان».
(٥) وهو قوله تعالى : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
(٦) ب : «قتيبة بن سعيد».
(٧) قال القرطبى : أراد بالعدلين : الصلاة والرحمة ؛ وبالعلاوة : الاهتداء. (تفسير القرطبى ٢ : ١٧٧).
(٨) انظر (صحيح البخارى ، باب الصبر عند الصدمة الأولى ١ : ٢٢٦). و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٨٥) و (البحر المحيط ١ : ٤٥٢) و (الفخر الرازى ٢ : ٤٠٣).