و «الحجّة» قد تكون بمعنى : الخصومة ، كقوله : (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ)(١)
وقال أبو روق : حجّة اليهود أنّهم كانوا قد عرفوا أنّ النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المبعوث فى آخر الزّمان (٢) قبلته الكعبة ، وأنّه يحوّل إليها ؛ فلمّا رأوا محمدا عليهالسلام يصلّى إلى الصّخرة احتجّوا بذلك ، فصرفت قبلته إلى الكعبة ؛ لئلّا يكون لهم عليه حجّة (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) يريد : إلّا الظالمين الذين يكتمون ما عرفوا من الحقّ ؛ من أنّه يحوّل إلى الكعبة.
وقوله : (فَلا تَخْشَوْهُمْ) أى : فى انصرافكم إلى الكعبة ، وفى تظاهرهم عليكم فى المحاجّة والمحاربة (وَاخْشَوْنِي) فى تركها ومخالفتها ، (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ)(٣) بهدايتى إيّاكم إلى قبلة إبراهيم عليهالسلام ، فتتمّ لكم الملّة الحنيفيّة.
وقال (٤) عطاء عن ابن عباس : (ولأتمّ نعمتى عليكم) فى الدّنيا والآخرة ؛ أمّا «فى» (٥) الدّنيا فأنصركم على عدوّكم ، وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ؛ وأمّا فى الآخرة ففى رحمتى وجنّتى ، وأزوّجكم «من» (٦) الحور العين ؛ (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(٧) أى : ولكى تهتدوا بإنعامى عليكم إلى الملّة الحنيفيّة.
١٥١ ـ قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ ...) الآية
هذه «الكاف» تتعلّق بما قبله (٨) على تقدير : ولأتمّ نعمتى عليكم كإرسالى إليكم رسولا ؛ أى أتمّ هذه كما أتممت تلك ؛ وذلك أنّ إبراهيم عليهالسلام دعا بدعوتين ؛
__________________
(١) سورة الشورى : ١٥.
(٢) ب : «فى آخر زمان».
(٣) قال المصنف فى تفسيره (الوجيز ١ : ٤٠) «اللام فى قوله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي) بمعنى «كى» ، أى : لكى أتم ، عطف على قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ)».
(٤) أ : «قال» بدون واو.
(٥) الإثبات عن أ ، ب.
(٦) الإثبات عن أ ، ب.
(٧) حاشية ج «لعل وعسى : إحسان من الله تعالى ؛ لأنهما للرجاء والإطماع ، والكريم لا يطمع فيما تفعله».
(٨) أ ، ب «يتعلق بما قبلها».