والمفسرون يجعلون «الإيمان» ـ هاهنا ـ بمعنى : الصّلاة (١) ؛ ويمكن أن يحمل الإيمان ـ هاهنا ـ على ما هو عليه من معنى التّصديق ، فيكون معنى الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) يعنى : تصديقكم / بأمر تلك القبلة.
وقوله : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.)
«الرّأفة» أشدّ من الرّحمة وأبلغ. يقال : «رأفت بالرجل أرأف به رأفة ورآفة ، ورؤفت به أرؤف به».
وفى «الرّءوف» قراءتان (٢) : إحداهما ؛ على وزن «فعول» ، والثّانية على وزن «فعل» : و «فعول» أكثر فى كلامهم من «فعل» ؛ ألا ترى أنّ باب : «صبور وشكور» أكثر فى «كلامهم» (٣) من باب : «حذر ويقظ» ؛ وإذا (٤) كان أكثر فى كلامهم كان أولى. يؤكّد هذا (٥) أن صفات الله قد جاءت على هذا الوزن ، نحو «غفور وشكور» ولم يأت شىء منها على وزن «فعل» ؛ ومن قرأ : على وزن «فعل» فقد قيل : إنّه غالب لغة أهل الحجاز ؛ ومنه قول الوليد بن عقبة :
وشرّ الطالبين فلا تكنه |
|
يقاتل عمّه الرءوف الرّحيما (٦) |
وكثر ذلك حتى قاله غيرهم ؛ قال (٧) جرير :
يرى للمسلمين عليك حقّا |
|
كفعل الوالد الرءوف الرّحيم (٨) |
١٤٤ ـ قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ.)
__________________
(١) انظر (مختصر تفسير الطبرى ١ : ٥٥ وحاشيته).
(٢) قرأ أبو بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائى ، وكذا خلف ويعقوب : بقصر الهمزة من غير واو ، على وزن «ندس» ، وافقهم اليزيدى والمطوعى ؛ والباقون بالمد ، كعطوف. (إتحاف فضلاء البشر ١٤٩).
(٣) الزيادة عن ب.
(٤) ب : «إذا كان» بغير واو.
(٥) حاشية ج : «أى : على الأولية والأكثرية».
(٦) البيت جاء فى (تفسير القرطبى ٢ : ١٥٨).
(٧) هذا البيت من قصيدة يمدح فيها هشام بن عبد الملك أولها :
ألمت وما رفقت بأن تلومى |
|
وقلت مقالة الخطل الظلوم |
(٨) (شرح ديوان جرير ٥٠٨) و (الخزانة ٢ : ١٦٨) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٢٧١).