إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الوسيط في تفسير القرآن المجيد [ ج ١ ]

الوسيط في تفسير القرآن المجيد [ ج ١ ]

209/415
*

إلى أىّ جهة شاء (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال ابن عباس : إلى دين مستقيم ؛ ودين الله يسمّى الصّراط المستقيم ؛ لأنّه يؤدّى إلى الجنّة ، كما يؤدّى الطريق المستقيم إلى المطلوب.

١٤٣ ـ قوله تعالى : (وَكَذلِكَ) أى : وكما اخترنا إبراهيم وأولاده ، وأنعمنا عليهم بالحنيفيّة المستقيمة كذلك (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أى : عدلا خيارا.

قال أهل المعانى : لمّا صار ما بين الغلوّ والتّقصير خيرا منهما ، صار الوسط والأوسط عبارة عن كلّ ما هو خير ؛ قال الله تعالى : (قالَ أَوْسَطُهُمْ)(١) قيل : فى تفسيره (٢) : خيرهم وأعدلهم.

قال النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خير هذا الدّين النّمط الأوسط» (٣).

وأمّة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وسط ؛ لأنّهم لم يغلوا غلوّ النّصارى ، ولا قصّروا تقصير اليهود فى حقوق أنبيائهم بالقتل والصّلب.

قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ.)

قال ابن عبّاس فى رواية عطاء : يريد على جميع الأمم ؛ وذلك أنّ الله تعالى إذا جمع الأوّلين والآخرين أتى بالناس أمّة بعد أمّة ، فيؤتى بأمّة نوح فيسألهم عمّا أرسل إليهم ؛ فينكرون أنّ نوحا بلّغهم ما أرسل به إليهم ؛ فيدعى بأمّة ـ محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقولون : نشهد أنّه قد بلّغ رسالتك ، فكذّبوه وعصوك ، فتقول أمّة نوح : هؤلاء كانوا بعدنا فكيف يشهدون علينا؟ فيقولون : ربّنا أرسلت إلينا رسولا فآمنّا به وصدّقناه ، فكان فيما أنزلت عليه : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) إلى قوله : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)(٤).

وقوله : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) أى : على صدقكم ، فهو من باب حذف

__________________

(١) سورة ن : ٢٨.

(٢) ب : «قيل : فى تفسيرهم».

(٣) حاشية ج : «النمط : الطريق المستقيم ، يعنى : الغلو فى الطاعات والتقصير فيها ليسا خيرا من التوسط فيها ، بل الأمر بالعكس».

(٤) سورة الشعراء : ١٠٥ ـ ١١١.