هى كسرة همزة (١) ألقيت ، فطرحت حركتها على الرّاء ، فالكسرة دليل الهمزة ، وحذفها قبيح ، وهو جائز على بعد ؛ لأنّ الكسرة والضّمّة تحذفان استثقالا ، كقولهم فى «فخذ فخذ» ، وفى «عضد عضد». والمعنى (٢) :
عرّفنا متعبّداتنا ، والمواضع التى يتعلّق بها النّسك (٣) ؛ لنفعله ونقضى نسكنا فيها (٤) ، نحو المواقيت التى يحرم منها ، والموضع الّذى نقف فيه (٥) بعرفة ، وموضع الطواف ، وموضع رمى الجمار.
وكلّ متعبّد فهو منسك ومنسك ؛ ومن هذا قيل «للعابد : ناسك» (٦). ([وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ]).
١٢٩ ـ قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ) قال ابن عباس : يريد ولدى ، والكناية تعود إلى الذّرّية ، أو إلى الأمّة فى قوله : (أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) وكلاهما ولد إبراهيم ، وهم العرب.
قوله : (رَسُولاً مِنْهُمْ) قال ابن عباس : يريد محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فاستجاب الله دعاءه ، وبعث فيهم رسولا من أنفسهم محمدا سيّد الأنبياء.
وقوله : ([يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ] وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) قال : يريد القرآن الّذى أنزل عليه ، وما فيه من الفرائض والأحكام والسّنن وشرائع النّبيّين. وقال مجاهد : (الحكمة) (٧) : فهم القرآن.
وقال ابن دريد : كلّ كلمة (٨) وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة ، أو نهتك عن قبيح فهى حكمة ؛ ومنه قوله عليهالسلام : «إنّ من الشّعر لحكمة» (٩).
__________________
(١) ب : «كسر الهمزة». حاشية ج : «ومن سكن الراء قال : ذهبت الهمزة فذهبت حركتها».
(٢) ب : «ومعناه».
(٣) أ : «النسك بها».
(٤) ب : «نسكنا فيه».
(٥) أ ، ب : «والمواضع الذى يوقت فيه».
(٦) حاشية ج و (اللسان ـ مادة : نسك): «لأن أصل النسك : العبادة».
(٧) أ : «والحكمة».
(٨) ب : «كل كلمة فى القرآن». انظر (البحر المحيط ١ : ٣٩٣).
(٩) أ ، ب : «حكمة» والإثبات عن ج. هذا الحديث رواه البخارى وابن ماجه عن أبى بن كعب. (صحيح البخارى ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء ٤ : ٤٥) و (سنن ابن ماجه ، باب الشعر ٢ : ١٢٣٥ ، حديث ٣٧٥٥).