والمعنى على هذا : أنّه يربّى الخلق ، ويغذّيهم (١) بما ينعم عليهم.
والثّانى : أن يكون الرّبّ بمعنى : المالك ؛ يقال : ربّ الشّىء ؛ إذا ملكه ، وكلّ من ملك شيئا فهو ربّه. يقال : هو ربّ الدّار ، وربّ الضيعة ، والله تعالى ربّ كلّ شىء ؛ أى : مالكه.
وقوله : (الْعالَمِينَ :) هو جمع «عالم» ، على وزن «فاعل» ، نحو خاتم وطابع ودانق ، وقالب (٢) ؛ وهو اسم عامّ لجميع المخلوقات. يقال : العالم محدث ؛ وهذا قول الحسن ومجاهد وقتادة ـ فى تفسير «العالم» : أنّه جميع المخلوقات.
٣ ، ٤ ـ ([الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
«المالك» : الفاعل من الملك. يقال : ملك الشىء يملكه ملكا وملكا ومملكة ، ويقرأ هذا الحرف (٣) بوجهين : (مالِكِ) ، و «ملك» (٤) ؛ فمن قرأ : «ملك» قال :
الملك أشمل وأتمّ ، لأنّه يكون (٥) مالك ولا ملك له ، ولا يكون ملك إلّا وله ملك ؛ فكلّ ملك مالك ؛ وليس كلّ مالك ملكا ؛ ويقوّى هذه القراءة قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ)(٦) وقوله : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ)(٧) ؛ وقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)(٨) ؛ ولم يقل : الملك.
ومن قرأ : (مالِكِ) فلأنّه أجمع وأوسع ؛ لأنّه يقال : مالك الطّير والدّوابّ والوحوش وكلّ شىء ؛ ولا يقال : ملك كلّ شىء ؛ إنّما يقال :
__________________
(١) أ ، ب : «يغدوهم». حاشية ج : «أى : يعطيهم الغذاء من الطعام».
(٢) فى (اللسان ـ مادة : طبع ، قلب) «الطابع ـ بالفتح ـ : الخاتم ، والطابع ـ بالكسر لغة فيه. والقالب ـ بالفتح قالب الخف ، والقالب ـ بالكسر ـ : البسر الأحمر».
(٣) حاشية ج : «أى : هذه الكلمة. وقد يقال للاسم حرف لمعنى الكلمة. وقد وقع هذا فى عبارة النحويين المعتبرين».
(٤) قرأ عاصم والكسائى وكذا يعقوب : «مالك» بالألف مدا .. وافقهم الحسن والمطوعى. والباقون بغير ألف ..» (إتحاف فضلاء البشر ١٢٢) وانظر (تفسير الطبرى ١ : ١٥).
(٥) أ ، ب : «لأنه مالكا». حاشية ج : «يكون زائدة».
(٦) سور طه : ١١٤.
(٧) سورة الحشر : ٢٣.
(٨) سورة غافر : ١٦.