و (الحمد) قد يكون شكرا للصّنيعة ، وقد يكون ابتداء للثناء على الرّجل.
يقال : حمدته على معروفه ، كما يقال شكرته ؛ ويقال : حمدته على علمه وعلى شجاعته ؛ إذا أثنيت عليه بذلك. ولا يقال فى هذا المعنى : شكرته.
فحمد الله : الثّناء عليه والشّكر لنعمه (١).
قال ابن الأنبارىّ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) يحتمل أن يكون هذا إخبارا أخبر الله تعالى به ؛ والفائدة فيه : أنّه بيّن أنّ حقيقة الحمد له ، وتحصيل كلّ الحمد له لا لغيره. ويحتمل أن يكون هذا ثناء أثنى به على نفسه ؛ علّم عباده فى أوّل كتابه ثناء عليه ، وشكرا له يكتسبون بقوله وتلاوته أعظم الثّواب ؛ ويكون المعنى : قولوا الحمد لله ، فيضمر القول ـ هاهنا ـ كما يضمر فى قوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ)(٢) معناه : يقولون ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله.
وقوله تعالى : (لله) هذه اللام تسمّى لام الإضافة ؛ ولها (٣) معنيان ؛ أحدهما : الملك ، نحو المال لزيد. والآخر : الاستحقاق ، نحو الحبل للدّابة ؛ أى استحقّته ، وكذلك الباب للدّار.
وقوله تعالى : (رَبِّ الْعالَمِينَ)
«الرّبّ» فى اللغة له معنيان ؛ أحدهما : أن يكون من الرّبّ بمعنى : التّربية ؛ يقال : ربّ فلان الصّنيعة يربّها ربّا ؛ إذا أتمّها وأصلحها ؛ فهو ربّ ، مثل «برّ وطبّ» (٤) قال الشاعر :
يربّ الذى يأتى من الخير أنّه |
|
إذا فعل المعروف زاد وتمّما (٥) |
__________________
(١) أ ، ب : «والشكر له على نعمه». فى (اللسان ـ مادة : حمد) عن الأزهرى : «فحمد الله : الثناء عليه ، ويكون شكرا لنعمه التى شملت الكل».
(٢) سورة الزمر : ٣.
(٣) ب : «ولهذا».
(٤) فى (اللسان ـ مادة : طبب) «رجل طب ـ بالفتح ـ أى : عالم».
(٥) انظر (اللسان ـ مادة : ربب).