حتّى نفهمك ما تقول. ويجوز أن يكون (انْظُرْنا) أى : انظر إلينا ، فحذف حرف الجرّ. أمروا (١) أن يقولوا بدل (راعِنا) : (انْظُرْنا).
وقوله تعالى : (وَاسْمَعُوا) أى : ما يقال لكم وما تؤمرون به. ومعناه : وأطيعوا ؛ لأن الطّاعة تحت السّمع (٢) ، (وَلِلْكافِرِينَ) يعنى : اليهود (عَذابٌ أَلِيمٌ.)
١٠٥ ـ قوله تعالى : (ما يَوَدُّ :) أى ما يحبّ وما يريد (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعنى : اليهود ، (وَلَا الْمُشْرِكِينَ) من العرب (أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أى خير من ربّكم ، و «من» (٣) صلة مؤكّدة. يريد أنّهم يحسدونكم إنزال (٤) القرآن عليكم (وَاللهُ يَخْتَصُ) يقال : خصّه بالشّىء واختصّه به ؛ إذا أفرده به دون غيره (٥).
وقوله تعالى : (بِرَحْمَتِهِ :) بنبوّته (مَنْ يَشاءُ) يعنى محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ :) تفضّل بالنّبوّة على ـ محمد صلىاللهعليهوسلم ـ ، وعلى المسلمين بدينه الإسلام.
١٠٦ ـ قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ.)
وذلك أنّ المشركين قالوا : القرآن كلام محمّد تقوّله من (٦) نفسه ، يأمر أصحابه بأمر ، ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولا ، ويرجع عنه غدا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٧).
ومعنى «النّسخ» : إبطال الشّىء وإقامة آخر مقامه (٨). تقول العرب : «نسخت الشّمس الظلّ» ، أى أذهبته وحلّت محلّه.
__________________
(١) أ : «أمر أن يقولوا» ، ب : «وأمروا ...».
(٢) حاشية ج : «أطلق السبب وهو السمع ، وأراد المسبب وهو الطاعة ، وإلا لم يكن للسمع فائدة».
(٣) فى قوله تعالى : (مِنْ خَيْرٍ) ، والتقدير : خير من ربكم. (البحر المحيط ١ : ٣٤٠) و (تفسير القرطبى ٢ : ٦١) و (الفخر الرازى ١ : ٤٥٥) حاشية ج : «قوله تعالى : (مِنْ رَبِّكُمْ) أى : من عند ربكم».
(٤) ب : «فى إنزال».
(٥) حاشية ج : «لأن أصل الخصوص والاختصاص : الانفراد بالشىء».
(٦) ج : «عن نفسه».
(٧) انظر (أسباب النزول للواحدى ٣٢) و (تفسير القرطبى ٢ : ٦١) و (البحر المحيط ١ : ٣٤١).
(٨) ب : «مكانه». على ما نقله صاحب (اللسان ـ مادة : نسخ).