وهو أن يؤخّذ (١) كلّ واحد منهما عن صاحبه ، ويبغّض كلّ واحد منهما إلى صاحبه (٢). (وَما هُمْ) أى : السحرة. وقيل : الشّياطين (٣).
(بِضارِّينَ بِهِ) أى : بالسّحر (مِنْ أَحَدٍ) أى : أحدا (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ.)
قال المفسّرون : «الإذن» ـ هاهنا ـ : إرادة التكوين ، أى : لا يضرّون بالسّحر إلّا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضّرر.
وقوله تعالى : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) المعنى : أنّه يضرّهم فى الآخرة ، وإن تعجّلوا به فى الدنيا نفعا (وَلَقَدْ عَلِمُوا) يعنى : اليهود (لَمَنِ اشْتَراهُ) أى : اختاره ، يعنى : السّحر (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) أى : نصيب ، و «الخلاق» : النّصيب الوافر من الخير.
قال المفسّرون : «الخلاق» فى هذه الآية : النّصيب من الجنّة (٤).
قوله : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) أى : بئس شىء باعوا به حظّ أنفسهم ، حيث اختاروا السّحر ، ونبذوا كتاب الله (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) عاقبة ما يصير إليه من بخس حظه من الآخرة (٥).
١٠٣ ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والقرآن (وَاتَّقَوْا) اليهوديّة. والسّحر ، لأثيبوا ما هو خير لهم ؛ وهو قوله : (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
__________________
(١) «أخذه تأخيذا. والتأخيذ : حبس السواحر أزواج النساء عن غيرهن من النساء. ويقال لهذه الحيلة : الأخذة ـ بضم فسكون». (اللسان ـ مادة : أخذ).
(٢) روى هذا المعنى عن قتادة ، كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٤٤٧) وبنحوه فى (الدر المنثور ١ : ١٠٣).
(٣) وقيل : اليهود. (تفسير القرطبى ٢ : ٥٥) و (تفسير البحر المحيط ١ : ٣٣٢).
(٤) راجع (تفسير الطبرى ٢ : ٤٥٢ ـ ٤٥٤) و (الدر المنثور ١ : ١٠٣) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٠٧) و (تفسير القرطبى ٢ : ٥٦) و (البحر المحيط ١ : ٣٣٤) و (الفخر الرازى ١ : ٤٥٤).
(٥) أ : «من يخسر حظه من الآخرة» ، ب : «من حظ أنفسهم فى الآخرة».