و «الخزى» : الهوان والفضيحة. وقد أخزاه الله ؛ أى أهانه وفضحه (١) ، وفى القرآن :
(وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي)(٢) أى : لا تفضحون.
ثم أعلم الله تعالى أنّ ذلك غير مكفّر عنهم ذنوبهم ، فقال : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ) أى : يرجعون (إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ) أى : عذاب لا روح فيه باتّصال أجزائه.
وقيل : إلى عذاب أشدّ من عذاب الدّنيا.
(وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وعيد لهم وتهديد ؛ فمن قرأ بالياء (٣) ، فهو على الإخبار عنهم ـ ومن قرأ بالتّاء ، فللمخاطبة (٤).
ثم أخبر أنّهم استبدلوا قليل الدّنيا بكثير الآخرة ، فقال :
٨٦ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) أى : اختاروا الحياة فى هذه الدّنيا بالنّعيم المقيم ، والعزّ الدائم فى الآخرة (فَلا يُخَفَّفُ) أى : لا يهوّن (عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أى : يمنعون من عذاب الله.
٨٧ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) أى : أرسلنا رسولا يقفو رسولا فى الدّعاء إلى توحيد الله ، والقيام بشرائع دينه.
يقال : «قفا أثره ، وقفا غيره على أثره» أى : أتبعه إيّاه.
(وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ :) وهى العلامات الواضحة التى ذكرها فى «سورة آل عمران» (٥) و «المائدة» (٦)(وَأَيَّدْناهُ :) قوّيناه. يقال : «أيّده وآيده» :
__________________
(١) أ : «وأفضحه».
(٢) سورة هود : ٧٨.
(٣) قال الدمياطى : قرأ نافع وابن كثير ، وكذا يعقوب وخلف بالغيب ، موافقة لقوله : «اشْتَرَوُا» ، وافقهم ابن محيصن. والباقون بالخطاب ، مناسبة لقوله : «أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ» (إتحاف فضلاء البشر ١٤١) و (تفسير البحر المحيط ١ : ٢٩٤).
(٤) أ : «للمخاطبة» بدون الفاء. وهو تحريف.
(٥) الآية ٤٩ ؛ وهو قوله تعالى : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
(٦) الآية ١١٠ ؛ وهو قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ