وقوله تعالى : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ.)
أى : إن أتوكم (١) مأسورين يطلبون الفداء فديتموهم.
وقرئ : «أسارى». وأسرى» (٢) وهما : جمع «أسير» ؛ و «أسير» : «فعيل فى معنى مفعول» ؛ وإذا كان كذلك فجمعه «فعلى» نحو : «لديغ ولدغى ، وقتيل وقتلى ، وجريح وجرحى» ، فالأسرى ؛ هو القياس فى جمع «أسير».
ومن قال : (أُسارى) شبّهه بكسالى ؛ وذلك أن الأسير لمّا كان محبوسا عن كثير من تصرّفه للأسر ، كما أنّ الكسلان محتبس عن ذلك لعادته شبّه (٣) به ، فقيل فى جمعه : (أُسارى) كما قيل : «كسالى».
قال سيبويه : قالوا كسلى» ، شبّهوه ب «أسرى» ، كما قالوا (أُسارى) شبّهوه ب «كسالى».
وقوله تعالى : (تُفادُوهُمْ) قرئ بوجهين : بالألف (٤) من المفاداة ، وبغير الألف من الفداء. يقال : «فديته بمال» ، قال الله تعالى : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(٥).
ويقال : «فادى الأسير» : إذا أطلقه وأخذ عنه شيئا. ومعنى «فديته بالشّىء» أى : خلّصته به ، وجعلته عوضا منه صيانة له (٦). والقراءتان معناهما واحد (٧) ، لأنك تقول : فديته بالمال ، وفاديته ، وافتديته. قال طرفة :
على مثلها أمضى إذا قال صاحبى |
|
ألا ليتنى أفديك منها وأفتدى (٨) |
__________________
(١) ب : إن يأتوكم».
(٢) هذه قراءة حمزة ووافقه الأعمش ، وكذا الحسن لكنه فتح السين. وقرأ الباقون : بضم الهمزة وفتح السين بألف بعدها. (الإتحاف ١٤١) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢١) وقد اختار الطبرى قراءة «أسرى» واستشهد لها. انظر (تفسير الطبرى ٢ : ٣١١ ـ ٣١٢).
(٣) أ : «عن ذاك لعادته شبهه به».
(٤) وهى قراءة نافع وعاصم والكسائى. وقرأ الباقون «تفدون» ـ بفتح التاء وسكون الفاء ـ وعليها المصنف. انظر (البحر المحيط ١ : ٢٩١) و (الإتحاف ١٤١) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢١) و (اللسان ـ مادة : فدى).
(٥) سورة الصافات : ١٠٧.
(٦) ب : «فجعلا عوضا منه صينا له».
(٧) أ ، ب : «بمعنى واحد».
(٨) حاشية ج : «الشاهد فى البيت : أن أفدى وأفتدى بمعنى واحد ، على معنى أن أفتدى بمعنى أفدى».