و «المشرب» : يجوز أن يكون مصدرا ، كالشّرب ، ويجوز أن يكون موضعا (١).
قال المفسّرون : كان فى ذلك الحجر اثنتا عشرة حفرة ، فكانوا إذا نزلوا وضعوا الحجر ، وجاء كلّ سبط إلى حفرته ، فحفروا الجداول إلى أهلها ؛ فذلك قوله تعالى : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ.)
وقوله تعالى : (كُلُوا) أى : وقلنا لهم كلوا من المنّ والسّلوى (وَاشْرَبُوا) من الماء ، فهذا كلّه (مِنْ رِزْقِ اللهِ) الذى يأتيكم بلا مشقّة ولا مئونة (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
يقال : عثى يعثى عثوّا (٢) ؛ وهو أشدّ الفساد.
٦١ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ)
«الطّعام» اسم جامع لما يؤكل. وإنّما قالوا (طَعامٍ واحِدٍ) ـ وكان طعامهم المنّ والسّلوى ؛ لأنّهم كانوا يأكلون المنّ بالسّلوى (٣) ، فكان طعاما واحدا كالخبيص لون واحد وإن اتّخذ من أطعمة شتّى.
قال المفسّرون : إنّهم ملّوا عيشهم ، وما كانوا يأكلونه ، وذكروا عيشا كان لهم بمصر ، فقالوا لموسى : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) أى : ادع لأجلنا ربّك ، وسله (٤) وقل له : أخرج لنا (يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها :) وهو كلّ نبات لا يبقى له ساق إذا رعته الماشية (وَقِثَّائِها) وهو نوع من الخضراوات ، (وَفُومِها) وهو الحنطة بلا اختلاف (٥) بين أهل اللّغة ، ([وَعَدَسِها وَبَصَلِها]) ، ف (قالَ) لهم موسى : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى [بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ]؟) أى : أقرب وأسهل متناولا بالرّفيع الجليل الّذى خصّكم الله به؟
__________________
(١) انظر (اللسان ـ مادة : شرب).
(٢) انظر (اللسان ـ مادة : عثا) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٤١) و (تفسير الطبرى ٢ : ١٢٣).
(٣) ب : «المن والسلوى» تحريف.
(٤) ب : «واسأله».
(٥) ب : «بلا خلاف».