وإن حملته على النّعمة ـ كان المعنى : وفى تنجيتكم من هذه المحن نعمة عظيمة ؛ وهو قول مجاهد والسّدّىّ (١).
ومثل هذا فى احتمال الوجهين قوله فى قصّة إبراهيم : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ)(٢).
٥٠ ـ وقوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ)
وذلك أنّ الله تعالى أمر موسى أن يذهب ببنى إسرائيل إلى البحر ، فينفلق له البحر ، حتّى يخوض فيه (٣) هو وبنو إسرائيل ؛ فلمّا ذهب بهم وانتهى إلى البحر ، فرق الله البحر اثنى عشر طريقا لكلّ سبط منهم طريق ، حتى مرّوا فيه ، وهو منفلق.
وسمّى البحر بحرا (٤) لاستبحاره ؛ وهو سعته وانبساطه.
وقوله تعالى : (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ)
ولم يذكر غرق فرعون ، لأنّه قد ذكره فى مواضع ؛ كقوله تعالى : (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً)(٥) ؛ ويجوز أن يريد ب (آلَ فِرْعَوْنَ) : نفسه ؛ كقوله تعالى : (مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ)(٦) يعنى : موسى وهارون.
قوله : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)
وذلك أنّهم لمّا خرجوا من البحر رأوا انطباق البحر على فرعون وقومه.
ويجوز أن يكون المعنى : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى فرق الله تعالى البحر ، وإنجائكم من عدوّكم.
__________________
(١) وروى أيضا ـ عن أبى العالية وأبى مالك وابن عباس فى رواية أخرى عنه ، على ما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٤٨ ـ ٤٩) وفى (الفخر الرازى ١ : ٣٥٩) «وحمله على النعمة أولى ؛ لأنها هى التى صدرت من الرب تعالى. ولأن موضع الحجة على اليهود إنعام الله تعالى أسلافهم».
(٢) سورة الصافات : ١٠٦.
(٣) ب : «حتى يخوضوا فيه» تحريف.
(٤) ب : «والبحر سمى بحرا».
(٥) سورة الإسراء : ١٠٣.
(٦) سورة البقرة : ٢٤٨.