صفحة من الصفحات الكبيرة التى تشتمل كل واحدة منها على سبعة وعشرين سطرا.
وقد خصّ البسملة من هذه الصحائف بسبع ، بدأها بقوله : «اختلفت عبارة النحويين فى تسمية هذه الباء الجارة : فسموها مرة حرف إلصاق ، ومرة حرف استعانة ، ومرة حرف إضافة. وكل هذا صحيح من قولهم .. أما الإلصاق ... وأما الاستعانة .. وأما .. إلخ. ثم ذهب يبين لما ذا قال بعض النحويين فى الباء والكاف واللام : إنهن زوائد؟
ولما ذا قال حذاق النحويين : إنها حروف إضافة؟ ولما ذا جرّت ما تدخل عليه من الأسماء؟ وما متعلق الباء فى (بِسْمِ اللهِ؟) ولما ذا حذفت الألف منها؟ ثم ذكر اشتقاق الاسم ومعناه عند البصريين والكوفيين ، ثم عرض للفظ الجلالة : (اللهِ) وبيان أصل الكلمة ، وأن أصحاب سيبويه قد حكوا عنه قولين. ثم فصل الخلاف بين العلماء فى كونه مشتقا أو غير مشتق ، وذكر اختلاف من قالوا إنه مشتق ، وسماهم بأسمائهم مع ما استدلوا به على أقوالهم من أوابد الشعر ، ثم ذكر معناه عند أهل اللغة وعلماء الكلام. ثم عرض للإمالة فى اسم الله ، وأنها جائزة فى قياس العرب ، وذكر الدليل على جوازها ، ثم عرض لمعنى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ،) ولاختلاف المختلفين فى أىّ الاسمين أشدّ مبالغة من الآخر.
وهكذا استغرق الواحدى سبع صحائف فى تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.)
وقد طال عليه الأمد فى إتمام «بسيطه» هذا ، وأن يضيق به ناسخوه وقارءوه قبل تمامه ، وأن يطلبوا إليه النزول إلى الإيجاز ، مسايرة للزمن ، ومراعاة لأفهامهم.
فسرعان ما لبّى طلبهم وألّف لهم كتاب «الوجيز» (١).
وقد قال فيه بعد الحمد والصلاة والتسليم : «أما بعد ، فإن لكل زمان نشوا ، ولكل نشو علما ، يتعاطونه على قدر هممهم وأفهامهم ومددهم فى العمر وأيامهم. وفيما سلف من الأيام وخلا من الشهور والأعوام ـ كانت الهمم إلى العلوم مصروفة ، والرغبات عليها موقوفة ، يتوفر عليها طلاب المراتب فى الدنيا ، والراغبون فى مثوبته العقبى ، ثم لم تزل
__________________
(١) طبع هذا الكتاب على هامش مراح لبيد بمطبعة عيسى البابى الحلبى.