إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣))
يستمكنون فى مواطن الصدق لا يبرحون عنها ليلا ونهارا ، وقولا وفعلا. وإذا مروا بأصحاب الزلات ومساكن المخالفات مروا متمكنين معرضين لا بساكنون أهل تلك الحالة.
ويقال نزلت الآية فى أقوام مرّوا ـ لمّا دخلوا مكة بأبواب البيوت التي كانوا يعبدون فيها الأصنام مرة ـ متكرمين دون أن يلاحظوها أو يلتفتوا إليها فشكر الله لهم ذلك.
ثم قال فى صفتهم : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) : بل قابلوها بالتفكير والتأمل ، واستعمال النظر.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤))
قرة العين من به حياة الروح ، وإنما يكون كذلك إذا كان بحقّ الله قائما.
ويقال قرة العين من كان لطاعة ربه معانقا ، ولمخالفة أمره مفارقا.
(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) الإمام من يقتدى به ولا يبتدع.
ويقال إن الله مدح أقواما ذكروا رتبة الإمامة فسألوها بنوع تضرع ، ولم يدّعوا فيها اختيارهم ؛ فالإمامة بالدعاء لا بالدعوى ، فقالوا : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً).
قوله جل ذكره : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥))
يعطى ـ سبحانه ـ الكثير من عطائه ويعده قليلا ، ويقبل اليسير من طاعة العبد ويعده كثيرا عظيما ، يعطيهم الجنة ؛ قصورا وحورا ثم يقول : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) ، ويقبل اليسير من العبد فيقول : (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) (١).
__________________
(١) آية ٢٢ سورة الذاريات.