كلّ أمر نيط باثنين فقد انتفى عنه النظام وصحة الترتيب ، وأدلة التمانع مذكور فى مسائل الأصول.
(سُبْحانَ اللهِ) تقديسا له ، وتنزيها عما وصفوه به. (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : تنزّه عن أوهام من أشرك ، وظنون من أفك.
قوله جل ذكره : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣))
يقول إن عجلت لهم ما تتوعدهم به فلا تجعلنى فى جملتهم ، ولا توصل إلىّ سوءا مثلما توصل إليهم من عقوبتهم. وفى هذا دليل على أنّ للحقّ أن يفعل ما يريد ، ولو عذّب البريء لم يكن ذلك منه ظلما ولا قبيحا (١).
قوله جل ذكره : (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥))
تدل على صحة قدرته على خلاف ما علم ؛ فإنه أخبر أنه قادر على تعجيل عقوبتهم ثم لم يفعل ذلك ، فصحّت القدرة على خلاف المعلوم (٢)
قوله جل ذكره : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦))
الهمزة فى (أَحْسَنُ) يجوز ألا تكون للمبالغة ؛ ويكون المعنى ادفع بالحسن السيئة. أو أن تكون للمبالغة ؛ فتكون المكافأة جائزة والعفو عنها ـ فى الحسن ـ أشدّ مبالغة.
ويقال ادفع الجفاء بالوفاء ، وجرم أهل العصيان بحكم الإحسان.
ويقال ادفع ما هو حظك إذا حصل ما هو حق له.
ويقال اسلك مسلك الكرم ، ولا تجنح إلى طريق المكافأة.
__________________
(١) لأن أفعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض ، إذ لا يعود عليه سبحانه من هذا أو ذاك مصلحة.
(٢) فى هذا ردّ ضمنى على المعتزلة القائلين بإنكار الصفات ، إذ يتضح أن صفة العلم متميزة عن صفة القدرة. فالأشاعرة ـ ومنهم القشيري ـ حين يثبتون الصفات إنما يثبتون المعاني اللاثقة بذاته ، وهى معان وإن تنوعت فليست طوارئ على الذات ، وإنما الذات قائمة بها.