تجرّد قولهم عن التّذكّر والفهم والعلم وتنبيها على أن القول ـ وإن كان فى نفسه صدقا ـ فلم تكن فيه غنية ؛ إذ لم يصدر عن علم ويقين.
ثم نبّههم على كمال قدرته ، وأنّ القدرة القديمة إذا تعلّقت بمقدور له ضدّ تعلّقت بضدّه ، ويتعلق بمثل متعلقه.
والعجب من اعترافهم بكمال أوصاف جلاله ، ثم تجويزهم عبادة الأصنام التي هى جمادات لا تحيا ، ولا تضرّ ولا تنفع.
ويقال أولا قال : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ، ثم قال بعده : (أَفَلا تَتَّقُونَ) ، فقدّم التذكر على التقوى ؛ لأنهم بتذكرهم يصلون إلى المغفرة ، ثم بعد أن يعرفوه فإنهم يجب عليهم اتقاء مخالفته. ثم بعد ذلك قال : (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) ؛ أي بعد وضوح الحجة فأىّ شكّ بقي حتى تنسبوه إلى السّحر؟
قوله جل ذكره : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠))
بيّن أنهم أصرّوا على جحودهم ، وأقاموا على عتوّهم ونبوّهم ، وبعد أن أزيحت العلل فلات حين عذر ، وليس لتجويز المساهلة موجب بتا.
قوله جل ذكره : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ)
اتخاذ الأولاد لا يصحّ كاتخاذ الشريك ، والأمران جميعا داخلان فى حدّ الاستحالة ، لأن الولد أو الشريك يوجب المساواة فى القدر ، والصمدية تتقدّس عن جواز أن يكون له مثل أو جنس.
قوله جل ذكره : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)