قوله جل ذكره : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢))
أرسل موسى عليهالسلام بالكتاب كما أرسل نبينا صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّ نبيّنا ـ صلوات الله عليه ـ كان أوفى ـ سماعا ، فإنّ الشمس فى طلوعها وإشراقها تكون أقرب ممن طلعت له من حقائقها.
قوله جل ذكره : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣))
أي يا ذرية من حملنا مع نوح ـ على النداء .. إنه كان عبدا شكورا.
والشكور الكثير الشكر ؛ وكان نوح قد لبث فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وكان يضرب فى كل (...) (١) كما فى القصة ـ سبعين مرة ، وكان يشكر. كما أنه كان يشكر الله ويصبر على قومه إلى أن أوحى الله إليه : أنه لن يؤمن إلا من قد آمن ، وأمر حين دعا عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢).
ويقال الشكور هو الذي يكون شكره على توفيق الله له لشكره ، ولا يتقاصر عن شكره لنعمه.
ويقال الشكور الذي يشكر بماله ، ينفقه فى سبيل الله ولا يدّخره ، ويشكر بنفسه فيستعملها فى طاعة الله ، ولا يبقى شيئا من الخدمة يدخره ، ويشكر بقلبه ربّه فلا تأتى عليه ساعة إلا وهو يذكره.
قوله جل ذكره : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ
__________________
(١) مشتبهة.
(٢) آية ٢٦ سورة نوح ويكون المراد أنه لم يدع بإهلاكهم نتيجة نفاد صبره أو عدم شكره بل حسبما أمره الله ، ولو وضعنا الفاصلة بعد (وأمر) يكون المعنى : إلا من قد آمن وأمر بالايمان. وهذا التأويل لا يتعارض مع المذهب العام للقشيرى ، فكل شىء عنده بأمر الله وتوفيقه.