أبرزوا قبيح فعالهم فى معرض التخرج ، وراموا أن يلبّسوا على الرسول ـ صلى الله وسلم وعلى آله ـ وعلى المسلمين خبث (١) سيرتهم وسريرتهم ، فبيّن الله أنّ الذين (...) (٢) بزعمهم سقطوا فيه بفعلهم ، وكذلك المتجلّة بما يهواه متطوح فى وادي بلواه ، وسيلقى فى الآخرة من الهوان ما يغني عن الحاجة إلى البرهان.
قوله جل ذكره : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠))
هكذا صفة الحسود ، يتصاعد أنين قلبه عند شهود الحسنى ، ولا يسرّ قلبه غير حلول البلوى ، ولا دواء ، لجروح الحسود ؛ فإنه لا يرضى بغير زوال النعمة ولذا قالوا :
كلّ العداوة قد ترجى إماتتها |
|
إلا عداوة من عاداك من حسد |
وإن الله تعالى عجّل عقوبة الحاسد ، وذلك : حزن قلبه بسلامة محسوده ؛ فالنعمة للمحسود نقد والوحشة للحاسد نقد (٣).
قوله جل ذكره : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١))
المؤمن لا تلحقه شماتة عدوّه لأنه ليس يرى إلا مراد وليّه ، فهو يتحقق أنّ ما يناله مراد مولاه فيسقط عن قلبه ما يهواه ، ويستقبله بروح رضاه فيعذب عنده ما كان يصعب من بلواه ، وفى معناه أنشدوا :
إن كان سرّكم ما قال حاسدنا |
|
فما لجرح ـ إذا أرضاكم ـ ألم |
__________________
(١) وردت (حيث) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) مشتبهة.
(٣) أي جزاء معجل فى هذه الدنيا ؛ فعند القشيري اصطلاحان : نقد (هنا في الدنيا) ، ووعد (في الآخرة) والسياق يؤدى إلى أن الجزاءين نقد.