ويقال فاحشة الأحباب أن تبقى حيّا وقد منيت بالفراق ، قال قائلهم :
لا عيش بعد فراقهم |
|
هدا هو الخطب الأجلّ |
ويقال فاحشة قوم أن يلاحظوا غيرا بعين الاستحقاق ، قال قائلهم :
يا قرّة العين سل عينى هل اكتحلت |
|
بمنظر حسن مذغبت عن عينى؟ |
ويقال فاحشة قوم أن تبقى لهم قطرة من الدمع ولم يسكبوها للفرقة ، أو يبقى لهم نفس لم يتنفّسوا به فى حسرة ، وفى معناه أنشدوا :
لئن بقيت فى العين منّى دمعة |
|
فإنى إذا فى العاشقين دخيل |
قوله جل ذكره : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤))
لكلّ قوم مدة مضروبة ، فإذا تناهت تلك المدة زالت تلك الحالة ؛ فلنعمة المترفين مدّة ، فإذا زالت فليس بعدها إلا الشدّة ، ولمحنة المستضعفين مدة فإذا انقضت تلك المدة زالت تلك الشدة.
ويقال إذا سقط قرص الشمس زال سلطان النهار فلا يزداد بعده إلا تراكم الظلمة ، فإذا ارتحلت عساكر الظلام بطلوع الفجر فبعد ذلك لا تبقى فيه للنهار تهمة.
قوله جل ذكره : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥))
إذا أتاكم الرّسل فلا تركنوا إلى مجوزات الظنون ، واحملوا الأمر على الجدّ فإنّا ـ مع استغنائنا عن الأغيار ، وتقدّسنا عن المنافع والمضار ـ نطالب بالقليل والكثير ، ونحاسب على النقير والقطمير.