حين تمّ الهوى وقلنا سررنا |
|
وحسبنا من الفراق أمنّا |
بعث البين رسله فى خفاء |
|
فأبادوا من شملنا ما جمعنا |
قوله جل ذكره : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ)
(حسن ظنّ آدم ـ عليهالسلام ـ حمله على سكون قلبه إلى يمين العدو لأنه لم يخطر بباله أن يكذب فى يمينه بالله ، ثم لمّا بان له أنه دلّاهما بغرور تاب إلى الله بصدق الندم ، واعترف بأنه أساء وأجرم ، فعلم ـ سبحانه ـ صدقه فيما ندم ، فتداركه بجميل العفو والكرم) (١)
قوله جل ذكره : (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما).
لم يحصل استيفاء من الأكل والاستمتاع به للنفس حتى ظهرت تباشير العقاب ، وتنغّص الحال ، وكذا صفة من آثر على الحق ـ سبحانه ـ شيئا يبقيه عنه ، فلا يكون له بما آثر استمتاع. وكذلك من ادّخر عن الله ـ سبحانه ـ نفسه أو ماله أو شيئا بوجه من الوجوه ـ لا يبارك الله فيه ، قال تعالى فى صفة الأعداء : (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ).
ويقال لمّا بدت سوأتهما احتالا فى السّتر ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة فبعدما كانت كسوتهما حلل الجنة ظلّا يستتران بورق الجنة ، كما قيل :
لله درّهم من فتية بكروا |
|
مثل الملوك ، وراحوا كالمساكين |
وأنشدوا : لا تعجبوا لمذلتى فأنا الذي |
|
عبث الزمان بمهجتي فأذلّها |
ثم إن آدم عليهالسلام لم يساعده الإمكان فى الاستتار بالورق إذ كانت الأشجار أجمع كلّها تتطاول وتأبى أن يأخذ آدم ـ عليهالسلام ـ شيئا من أوراقها. وقبل ذلك كان لا يلاحظ الجنة فكان يتيه على الكون بأسره ولكنه صار كما يقال :
وكانت ـ على الأيام ـ نفسى عزيزة |
|
فلمّا رأت صبرى على الذلّ ذلّت |
__________________
(١) ما بين القوسين موجود فى الهامش أثبتناه فى موضعه من المتن.