غلبت شهادة الحقّ ـ سبحانه ـ كلّ شهادة ، فهم إذا أقبلوا يشهدون فلا تحيط بحقائق الشيء علومهم ، والحقّ ـ سبحانه ـ هو الذي لا يخفى عليه شىء ، ثم أخبره ـ صلىاللهعليهوسلم أنه مبعوث إلى الكافة ومن سيوجد إلى يوم القيامة.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠))
أحاط علمهم بصدق المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى نبوّته ، ولكن أدركتهم الشقاوة الأزلية فعقدت ألسنتهم عن الإقرار به ؛ فجحدوه جهرا ، وعلموا صدقه سرّا.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١))
شؤم الخذلان بلغ بالنكاية فيهم ما جرّهم إلى الإصرار على الكذب على الله تعالى ، ثم لم يستحيوا من اطلاعه ، ولم يخشوا من عذابه.
قوله جل ذكره : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢))
يجمعهم ليوم الحشر والنشر ، لكنه يفرقهم فى الحكم والأمر ، فالبعث يجمعهم ولكن الحكم يفرقهم.
قوله جل ذكره : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣))
(١) هذا الذي أخبر عنهم غاية التمرد ؛ حيث جحدوا ما كذبوا فيه وأقسموا عليه ، ولو كان لهم بالله علم لتحققوا بأنه يعلم سرّهم ونجواهم ، ولا يخفى عليه شىء من أولاهم وعقباهم ، لكن الجهل الغالب عليهم استنطقهم بما فيه فضائحهم.
__________________
(١) أخطأ الناسخ فكتبها (مشرقين) بالقاف.