بتسليمها إلى القتل فلا تدّخروها عن أمره ، وهذا معنى قوله : (وَلا تَعْتَدُوا) وهو أن تقف حيثما أوقفت ، وتفعل ما به أمرت.
قوله جل ذكره : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)
يعنى عليكم بنصب العداوة مع أعدائى ـ كما أن عليكم إثبات الولاية والموالاة مع أوليائى ـ فلا تشفقوا (١) عليهم وإن كان بينكم واصد (٢) الرحم ووشائج القرابة.
(وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ). أولا أخرجوا حبّهم وموالاتهم من قلوبكم ، ثم (....) (٣) عن أوطان الإسلام ليكون الصغار جاريا عليهم.
قوله جل ذكره : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ).
والإشارة : أنّ المحنة التي ترد على القلوب من طوارق الحجب أشد من المحنة التي ترد على النفوس من بذل الروح ، لأن فوات حياة القلب أشد من فوات حياة النّفس ، إذ النفوس حياتها بمألوفاتها ، ولكن حياة القلب لا تكون إلا بالله.
ويقال الفتنة أشد من القتل : أن (٤) تنأى عن الله أعظم من أن تنأى عن روحك وحياتك.
قوله جل ذكره : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ).
الإشارة منه : لا تشوش وقتك (٥) مع الله إذا كان بوصف الصفات بما تدخله على نفسك
__________________
(١) ووردت (فلا تشقوا) والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتلاءم.
(٢) الواصد والآصد العهد. مثل الورث والإرث والوحد والأحد وربما كانت أواصر.
(٣) مشتبهة فى ص وربما كانت : ثم (أخرجوهم).
(٤) وردت (تنقى) والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتلاءم.
(٥) قال الدقاق ـ شيخ القشيري ـ فى تعريف الوقت : الوقت ما أنت فيه فإن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا ، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى ، وإن كنت بالسرور فوقتك السرور ، وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن.
ويعلّق القشيري على رأى أستاذه قائلا : يريد بهذا أن الوقت ما كان هو الغالب على الإنسان. ويقولون الصوفي ابن وقته يريدون بذلك أنه مشتغل بما هو أولى به فى الحال ، قائم بما هو مطالب به فى الحين. وينبغى ألا يفرط العبد فيما يقتضيه حق الشرع.